للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يومئذ أبو زيّان، ابن السلطان أبي حمّو من آل يغمراسن بن زيّان، فبعث معهم هدية أخرى من الجياد بمراكبها، وكان يحوك الشّعر، فامتدح الملك الظاهر بقصيدة بعثها مع هديته، ونصّها من أولها الى آخرها:

لمن الرّكائب سيرهن دميل [١] ... والصّبر- إلّا بعدهن- جميل

يا أيها الحادي رويدك [٢] إنّها ... ظعن [٣] يميل القلب حيث تميل

رفقا بمن حملته فوق ظهورها ... فالحسن فوق ظهورها محمول

للَّه آية أنجم: شفّافة ... تنجاب عنها للظلام سدول

شهب بآفاق الصدور طلوعها ... ولها بأستار الجدول أفول

في الهودج المزرور منها غادة ... تزع الدجى بجبينها فيحول

فكأنها قمر على غصن على ... متني كثيب والكثيب مهيل

ثارت مطايا فثار بي الهوى ... واعتاد قلبي زفرة وغليل

أومت لتوديعي فغالب عبرتي ... نظر تخالسه العيون كليل

دمع أغيّض منه خوف رقيبها ... طورا ويغلبني الأسى فيسيل

ويح المحبّ وشت به عبراته ... فكأنّها قال عليه وقيل

صان الهوى وجفونه يوم النّوى ... لمصون جوهر دمعهنّ تذيل

وتهابه أسد السّرى في خيسها [٤] ... ويروعه ظبي الحمى المكحول

تأبى النفوس الضّيم إلّا في الهوى ... فالحرّ عبد والعزيز ذليل

يا بانة الوادي ويا أهل الحمى ... هل ساعة تصغين لي فأقول

ما لي إذا هبّ النسيم من الحمى ... أرتاح شوقا للحمى وأميل

خلّوا الصّبا يخلص إليّ نسيمها ... إن الصّبا لصبابتي تعليل

ما لي أحلّا عن ورود محلّه ... وأذاد عنه وورده منهول [٥]


[١] الذميل: ضرب من سير الإبل فوق التزيد.
[٢] رويدك: اسم فعل بمعنى أمهل.
[٣] جمع ظعينة، وهي المرأة تكون في الهودج، والهودج نفسه.
[٤] الخيس: موضع الأسد.
[٥] حلأ الإبل عن ورود الماء: منعها، وذادها.

<<  <  ج: ص:  >  >>