للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطّالع الأسد الّذي قد بيّنوا ... ويكون بدء [١] الشّهر غير منير

والبدر متّصل بسعد عطارد ... في يوم سبت ساعة التّدبير

يعني أن تكون الطّاءات بين قدميه كأنّه يمشي عليها وعندي أنّ هذه القصيدة من تمويهات المتخرّفين [٢] فلهم في ذلك أحوال غريبة واصطلاحات عجيبة وتنتهي التّخرفة [٣] والكذب بهم إلى أن يسكنوا المنازل المشهورة والدّور المعروفة لمثل هذه ويحتفرون الحفر ويضعون المطابق فيها والشّواهد الّتي يكتبونها في صحائف كذبهم ثمّ يقصدون ضعفاء العقول بأمثال هذه الصّحائف (ويعثون على كبراء) [٤] ذلك المنزل وسكناه ويوهمون أنّ به دفينا من المال لا يعبّر عن كثرته ويطالبون بالمال لاشتراء العقاقير والبخورات لحلّ الطّلاسم ويعدونه بظهور الشّواهد الّتي قد أعدّوها هنالك بأنفسهم ومن فعلهم فينبعث لما يراه من ذلك وهو قد خدع ولبس عليه من حيث لا يشعر وبينهم في ذلك اصطلاح في كلامهم يلبّسون به عليهم ليخفى عند محاورتهم فيما يتلونه [٥] من حفر وبخور وذبح حيوان وأمثال ذلك. وأمّا الكلام في ذلك على الحقيقة فلا أصل له في علم ولا خبر واعلم أنّ الكنوز وإن كانت توجد لكنّها في حكم النّادر وعلى وجه الاتّفاق لا على وجه القصد إليها. وليس ذلك بأمر تعمّ به البلوى حتّى يدّخر النّاس أموالهم تحت الأرض ويختمون عليها بالطّلاسم لا في القديم ولا في الحديث. والرّكاز الّذي ورد في الحديث وفرضه الفقهاء وهو دفين الجاهليّة إنّما يوجد بالعثور والاتّفاق لا بالقصد والطّلب وأيضا فمن اختزن ماله وختم عليه بالأعمال السّحريّة فقد بالغ في إخفائه فكيف ينصب عليه الأدلّة والأمارات لمن يبتغيه. ويكتب ذلك في الصّحائف حتّى يطّلع على ذخيرته أهل الأمصار


[١] وفي النسخة الباريسية: بدر.
[٢] وفي النسخة الباريسية: المخرفين.
[٣] وفي النسخة الباريسية: المخرفة.
[٤] وفي نسخة أخرى: ويبعثونه على اكتراء.
[٥] وفي نسخة أخرى: يتناولونه.

<<  <  ج: ص:  >  >>