ثم ملك من بعد أبي كرب هذا فيما قال ابن إسحاق ربيعة بن نصر بن الحرث بن نمارة بن لخم ولخم أخو جذام. وقال ابن هشام ويقال ربيعة بن نصر بن أبي حارثة بن عمرو بن عامر. كان أبو حارثة تخلف باليمن بعد خروج أبيه، وأقام ربيعة بن نصر ملكا على اليمن بعد هؤلاء التبابعة الذين تقدّم ذكرهم، ووقع له شأن الرؤيا المشهورة. قال الطبريّ عن ابن إسحاق عن بعض أهل العلم أنّ ربيعة بن نصر رأى رؤيا هالته وفظع بها، وبعث في أهل مملكته في الكهنة والسحرة والمنجّمين وأهل العيافة، فأشاروا عليه باستحضار الكاهنين المشهورين لذلك العهد في إياد وغسّان، وهما شقّ وسطيح. قال الطبريّ شقّ هو أبو صعب شكر بن وهب بن أمول بن يزيد بن قيّس عبقر بن أنمار، وسطيح هو ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذيب بن عديّ بن مازن بن غسّان، ولوقوع اسم ذيب في نسبه كان يعرف بالذيبيّ.
فأحضرهما وقص عليهما رؤياه وأخبراه بتأويلها، أنّ الحبشة يملكون بلاد اليمن من بعد ربيعة وقحطان بسبعين سنة، ثم يخرج عليهم ابن ذي يزن من عدن فيخرجهم، ويملك عليهم اليمن، ثم تكون النبوّة في قريش في بني غالب بن فهر. ووقع في نفس ربيعة أنّ الّذي حدّثه الكاهنان من أمر الحبشة كائن، فجهز بنيه وأهل بيته إلى العراق بما يصلحهم، وكتب إلى ملك من ملوك فارس يقال له سابور بن خرّداذ فأسكنهم الحيرة.
ومن بيت ربيعة بن نصر كان النعمان ملك الحيرة، وهو النعمان بن المنذر بن عمرو بن عديّ بن ربيعة بن نصر. قال ابن إسحاق ولما هلك ربيعة بن نصر اجتمع ملك اليمن لحسّان بن تبان أسعد أبي كرب. قال السهيليّ وهو الّذي استباح طسما كما ذكرناه، وبعث على المقدّمة عبد كهلان بن يثرب بن ذي حرب بن حارث بن ملك بن عبدان بن حجر بن ذي رعين. واسم ذي رعين يريم وهو ابن زيد الجمهور، وقد مرّ نسبه إلى سبا الأصغر. وقال السهيليّ في أيام حسّان تبّع كان خروج عمرو بن مزيقياء من اليمن بالأزد، وهو غلط من السهيليّ لأنّ أبا كرب أباه إنما غزا المدينة فيما قال هو صريخا للأوس والخزرج على اليهود وهو من غسّان ونسبه إلى مزيقياء، فعلى هذا يكون الّذي استصرخه الأوس والخزرج على اليهود إنما هو من ملوك غسّان كما يأتي في أخبارهم. قال ابن إسحاق: ولما ملك حسّان بن تبّع بن تبان أسعد سار بأهل اليمن يريد أن يطأ بهم أرض العرب والعجم كما كانت التبابعة تفعل، فكرهت حمير