مرينا بن مرينوس، ثم ابنه استمارس بن مرينا فطغى عليهم وخلعوه وقتلوه، وولوا عليهم من أشرافهم بلوطيس بن مناكيل أربعين سنة، ثم استخلف مالوس بن بلوطيس ومات، فاستخلف أخاه مناكيل بن بلوطيس ثم توفي، فاستخلف ابنه بركة ابن مناكيل فملكهم مائة وعشرين سنة، وهو فرعون الأعرج الّذي سبى أهل بيت المقدس، ويقال أنه خلع.
وقال ابن عبد الحكم: وولي من بعده ابنه مرينوس بن بركة، فاستخلف ابنه فرقون بن مرينوس فملكهم ستين سنة ثم هلك، واستخلف أخاه نقاس بن مرينوس.
وكانت البرابي كلها إذا فسد منها شيء لا يصلحه إلّا رجل من ذرية تلك العجوز الساحرة التي وضعتها، ثم انقطعت ذريتها ففسدت البرابي أيام نقاس هذا، وتجاسر الناس على طلب الملك الّذي في أيديهم، وهلك نقاس، واستخلف ابنه قومس بن نقاس، فملكهم دهرا ثم ملك بخت نصّر بيت المقدس، واستلحم بني إسرائيل وفرّقهم وقتل وخرّب ولحقوا بمصر، فأجارهم قومس ملكها وبعث فيهم بخت نصّر فمنعهم وزحف إليه وغلب عليه وقتله وخرب مدينة منف. وبقيت مصر أربعين سنة خرابا.
وسكنها أرمياء مدّة ثم بعث إليه بخت نصّر فلحق به ثم ردّ أهل مصر إلى موضعهم، وأقاموا كذلك ما شاء الله إلى أن غلب الفرس والروم على سائر الأمم، وقاتل الروم أهل مصر إلى أن وضعوا عليهم الجزى، ثم تقاسمها فارس والروم، ثم تداولوا ملكها فتوالت عليها نواب الفرس. ثم ملكها الإسكندر اليوناني وجدّد الإسكندرية، والآثار التي خارجها مثل عمود السواري ورواق الحكمة.
ثم غلب الروم على مصر والشام وأبقوا القبط في ملكها وصرفوهم في الولاية بمصر إلى أن جاء الله بالإسلام، وصاحب القبط بمصر والإسكندرية المقوقس، واسمه جريج بن مينا فيما نقله السهيليّ. فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة، وجبرا مولى أبي رهم الغفاريّ، فقارب الإسلام وأهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هديته المعروفة ذكرها أهل السيركان، فيها البغلة التي كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يركبها وتسمى دلدل، والحمار الّذي يسمّى يعفور، ومارية القبطيّة أم ولده إبراهيم وأمّها وأختها سيرين وهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسّان بن ثابت، فولدت له عبد الرحمن، وقدح من قوارير كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب فيه، وعسل استظرفه له من بنها احدى قرى مصر معروفة بالعسل الطيب.