للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علم لي هو مع أمّه فتهدّده وقتله. ثم قال بعد قتل زكريا بسنة تولى الكهنونية يعقوب بن يوسف إلى أن مات هيرودوس.

وأما مريم سلام الله عليها فكانت بالمسجد على حالها من العبادة إلى أن أكرمها الله بالولاية وبين الناس في نبوّتها خلاف من أجل خطاب الملائكة لها. وعند أهل السنة أنّ النبوّة مختصة بالرجل، قاله أبو الحسن الأشعري وغيره وأدلة الفريقين في أماكنها.

وبشرت الملائكة مريم باصطفاء الله لها، وأنها تلد ولدا من غير أب يكون نبيّا، فعجبت من ذلك فأخبرتها الملائكة أنّ الله قادر على ما يشاء، فاستكانت وعلمت أنها محنة بما تلقاه من كلام الناس فاحتسبت.

وفي كتاب يعقوب بن يوسف النجّار أنّ أمّها حنّة توفيت لثمان سنين من عمر مريم، وكان من سنتهم أنّها إن لم تقبل التزويج يفرض لها من أرزاق الهيكل، فأوحى الله إليه أن يجمع أولاد هارون ويردّها إليهم، فمن ظهرت في عصاه آية تدفعها إليه تكون له شبه زوجة ولا يقربها، وحضر الجمع يوسف النجار فخرج من عصاه حمامة بيضاء ووقفت على رأسه، فقال له زكريّا هذه عزراء الرب تكون لك شبه زوجة ولا تردها.

فاحتملها متكرّها بنت اثنتي عشرة سنة إلى ناصرة فأقامت معه، إلى أن خرجت يوما تستسقي من العين فعرض لها الملك [١] أوّلا وكلّمها ثم عاودها وبشّرها بولادة عيسى كما نصّ القرآن. فحملت وذهبت إلى زكريا ببيت المقدس فوجدته على الموت وهو يجود بنفسه، فرجعت الى ناصرة، ورأى يوسف الحمل فلطم وجهه وخشي الفضيحة مع الكهنونية فيما شرطوا عليه، فأخبرته بقول الملك، فلم يصدّق وعرض له الملك في نومه وأخبره أنّ الّذي بها من روح القدس، فاستيقظ وجاء إلى مريم فسجد لها وردّها إلى بيتها. ويقال إنّ زكريا حضر لذلك وأقام فيهما سنة اللعان الّذي أوصى به موسى، فلم يصبهما شيء وبرّأهما الله. ووقع في إنجيل متّى أنّ يوسف خطب مريم ووجدها حاملا قبل أن يجتمعا، فعزم على فراقها خوفا من الفضيحة، فأمر في نومه أن يقبلها وأخبره الملك بأن المولود من روح القدس، وكان يوسف صديقا وولد على فراشه إيشوع انتهى.

وقال الطبريّ: كانت مريم ويوسف بن يعقوب ابن عمها، وفي رواية عنه أنه ابن خالها، وكانوا سدنة في بيت المقدس لا يخرجان منه إلّا لحاجة الإنسان، وإذا نفد


[١] وفي نسخة اخرى: الملاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>