للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البابا لبطرك الاسكندرية ليتميز عن الأسقف في اصطلاح القسوس، ومعناه أبو الاباء فاشتهر هذا الاسم. ثم انتقل الى بطرك رومة لأنه صاحب كرسي بطرس كبير الحواريين ورسول المسيح، وأقام على ذلك لهذا العهد يسمى البابا.

ثم جاء بعد قلوديش قيصر نيرون قيصر فقتل بطرس كبير الحواريين وبولص اللذين بعثهما عيسى صلوات الله عليه الى رومة، وجعل مكان بطرس أرنوس برومة. وقتل مرقص الإنجيلي تلميذ بطرس وكان بالإسكندرية يدعو الى الدين سبع سنين ويبعثه في نواحي مصر وبرقة والمغرب وقتله نيرون، وولى بعده حنينا وهو أوّل البطاركة عليها بعد الحواريين. وثار اليهود في دولته على أسقف بيت المقدس وهو يعقوب النجّار وهدموا البيعة ودفنوا الصليب الى أن أظهرته هيلانة أم قسطنطين كما نذكره بعد، وجعل نيرون مكان يعقوب النجّار ابن عمه شمعون بن كيافا.

ثم اختلفت حال القياصرة من بعد ذلك في الأخذ بهذا الدين وتركه كما يأتي في أخبارهم، الى أن جاء قسطنطين بن قسطنطين باني المدينة المشهورة، وكانت في مكانها قبله مدينة صغيرة تسمى بيزنطية. وكانت أمه هيلانة صالحة فأخذت بدين المسيح لاثنتين وعشرين سنة من ملك قسطنطين ابنها، وجاءت إلى مكان الصليب فوقفت عليه وترحمت وسألت عن الخشبة التي صلب عليهما بزعمهم، فأخبرت بما فعل اليهود فيها وأنهم دفنوها وجعلوا مكانها مطرحا للقمامة والنجاسة والجيف والقاذورات، فاستعظمت ذلك واستخرجت تلك الخشبة التي صلب عليها بزعمهم، وقيل من علامتها أن يمسها ذو العاهة فيعافى لوقته، فطهرتها وطيبتها وغشتها بالذهب والحرير، ورفعتها عندها للتبرك بها، وأمرت ببناء كنيسة هائلة بمكان الخشبة تزعم أنها قبره وهي التي تسمى لهذا العهد قمامة [١] . وخربت مسجد بني إسرائيل وأمرت بأن تلقى القاذورات والكناسات على الصخرة التي كانت عليها القبة التي هي قبلة اليهود، إلى أن أزال ذلك عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عند فتح بيت المقدس كما نذكره هنالك.

وكان من ميلاد المسيح إلى وجود الصليب ثلاثمائة وثمان وعشرون سنة، وأقام هؤلاء النصرانية بطاركتهم وأساقفتهم على إقامة دين المسيح على ما وضعه الحواريون من القوانين والعقائد والأحكام. ثم حدث بينهم اختلاف في العقائد وسائر ما ذهبوا إليه


[١] كان اسمها قيامه فحرفوها قمامه. كذا في الخطط قاله نصر. أهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>