قال: وأخبرنا محمد بن عيسى، أخبرنا الحسن بن الصبّاح البَزَّار، أخبرنا سفيان بن عيينة عن علي بن زيد ويحيى بن سعيد، سمعا ابن المسيب يقول: قال علي بن أبي طالب: ما جمع رسول الله ﷺ أباه وأمه لأحد إلا لسعد بن أبي وقاص، قال له يوم أُحد:(ارم فداك أبي وأمي، ارم أيها الغلام الحَزَوَّر).
وقد روى أنه جمعهما للزبير بن العوام أيضاً، قال الزهري: رمى سعد يوم أُحد ألف سهم.
ولما قتل عثمان اعتزل الفتنة، ولم يكن مع أحد من الطوائف المتحاربة، بل لزم بيته، وأراده ابنه عمر وابن أخيه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص أن يدعو إلى نفسه، بعد قتل عثمان، فلم يفعل، وطلب السلامة، فلما اعتزل طمع فيه معاوية، وفي عبد الله بن عمر، وفي محمد بن مسلمة، فكتب إليهم يدعوهم إلى أن يعينوه على الطلب بدم عثمان، ويقول: إنكم لا تكفرون ما أتيتموه من خِذْلانه إلا بذلك، فأجابه كل واحد منهم يرد عليه ما جاء به، وكتب إليه سعدٌ أبياتَ شعر:
معاويَ داؤُك الداء العَيَاء … وليس لما تجيء به دَواء
أيدْعوني أبو حَسنٍ عليُّ … فلم أردُد عليه ما يشاءُ
وقلت له: اعْطِنِي سيفاً بَصيراً … تَمِيز به العداوةَ والولاءُ
أتَطْمَع في الَّذِي أعيا عليّا … على ما قد طمعتَ به العفاءُ
لَيَومٌ منه خيرٌ منك حيًّا … وَمَيْتاً أنتَ للمَرْءِ الفِدَاءُ
وروت عنه ابنته عائشة أنه قال: رأيت في المنام، قبل أن أُسلم، كأني في ظلمة لا أبصر شيئاً إذ أضاءَ ليل قَمَر، فاتَّبعته، فكأني أنظر إلى من سبقني إلى ذلك القمر، فأنظر إلى زيد بن حارثة، وإلى علي بن أبي طالب، وإلى أبي بكر، وكأني أسألهم: متى انتهيتم إلى هاهنا؟ قالا: الساعة، وبلغني أن رسول الله ﷺ يدعو إلى الإسلام مسْتخفياً، فلقيته في شِعْب أجْيَاد، وقد صلَّى العصر، فأسلمت، فما تَقَدَّمني أحد إلا هم.
وروى داود بن أبي هند، عن أبي عثمان النهدي أن سعد بن أبي وقاص قال: نزلت