حضره الموت، وهو بالربذة، فبكت امرأته، فقال: ما يبكيك؟ فقالت: أبكي أنه لا بدّ لي من تكفينك، وليس عندي ثوب يسع لك كفناً، فقال: لا تبكي؛ فإني سمعت رسول الله ﷺ ذات يوم وأنا عنده في نفر يقول:(ليموتنّ رجل منكم بفلاة من الأرض، تشهده عصابة من المؤمنين). فكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية، ولم يبق غيري، وقد أصبحت بالفلاة أموت، فراقبي الطريق، فإنك سوف ترين ما أقول لك، وإني والله ما كذبت ولا كُذِّبْتُ، قالت: وأنى ذلك وقد انقطع الحاج قال: راقبي الطريق؛ فبينما هي كذلك إذ هي بقوم تَخِبّ بهم رواحلهم كأنهم الرَّخَم، فأقبل القوم حتى وقفوا عليها، فقالوا: ما لك؟ فقالت: امرؤ من المسلمين تكفنونه وتؤجرون فيه، قالوا: ومن هو؟ قالت: أبو ذر، قال: ففدوه بآبائهم وأمهاتهم، ثم وضعوا سياطهم في نحورها، يبتدرونه، فقال: أبشروا؛ فأنتم النفر الذين قال فيكم رسول الله ﷺ … ثم قال: أصبحت اليوم حيث ترون، ولو أن ثوباً من ثيابي يسعني لم أكفن إلاّ فيه، فأنشدكم بالله لا يكفنني رجل كان أميراً أو عريفاً أو بريداً، فكل القوم كان نال من ذلك شيئاً إلاّ فتى من الأنصار كان مع القوم، قال:(أنا صاحبه؛ الثوبان فيَّ عيبَتِي من غزل أمي، وأحد ثوبيَّ هذين اللذين عليّ، قال: أنت صاحبي فكفنّي).
وتوفي أبو ذر سنة اثنتين وثلاثين بالربذة، وصلّى عليه عبد الله بن مسعود؛ فإنه كان مع أولئك النفر الذين شهدوا موته، وحملوا عياله إلى عثمان بن عفان ﵃ بالمدينة، فضم ابنته إلى عياله، وقال: يرحم الله أبا ذر.
وكان آدم طويلاً أبيض الرأس واللحية، وسنذكر باقي أخباره في الكني، إن شاء الله تعالى.
أخرجه الثلاثة.
٨٠١ - جُنْدَبُ بنُ حَيَّان
(س) جُنْدَبُ بنُ حَيَّان أبو رِمْثَةَ التَّمِيمِيّ. من بني امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم، اختلف في اسمه، فسمّاه البرقي كذلك، وأورده أبو عبد الله بن منده في رفاعة.