واشترى ما أراد، ثم أقبل قافلاً، فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعته فأضعف أو قريباً، وحدثها ميسرة عن قول الراهب، فأرسلت إلى رسول الله ﷺ أني قد رغبت فيك، لقرابتك مني، وشرفك وأمانتك، وحسن خلقك، وصدق حديثك، وعرضه عليه نفسها، فخطبها وتزوجها على اثنتي عشرة أوقية ونش الأوقية وأربعون درهماً. وقد ذكرنا ذلك في ترجمة خديجة ﵂.
وولد له من الولد بناته كلهن، وأولاده الذكور كلهم من خديجة إلا إبراهيم؛ فأما البنات فزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة ﵅ وأما الذكور فالقاسم، وبه كان رسول الله ﷺ يكنى، والطاهر والطيب وقيل: القاسم والطاهر، وعبد الله وهو الطيب؛ لأنه ولد في الإسلام، وقيل: القاسم وعبد الله وهو الطاهر والطيب، فمات القاسم بمكة وهو أول من مات من ولده، ثم عبد الله قاله الزبير بن بكار. وقد ذكرت في خديجة وفي بناته ﵅ أكثر من هذا.
ولما تزوج خديجة كان عمره خمساً وعشرين سنة، وكانت هي ابنة أربعين سنة، وقيل: غير ذلك.
[ذكر بناء الكعبة ووضع رسول الله الحجر الأسود]
قال ابن إسحاق: كانت الكعبة رضماً فوق القامة، فأرادت قريش أن يهدموها ويرفعوها ويسقفوها، وكانوا يهابون هدمها، فاتفق أن نفراً من قريش سرقوا كنز الكعبة، وكان يكون في جوف الكعبة، وكان البحر قد ألقى سفينة إلى جدة لرجل من الروم، فتحطمت، فأخذوا خشبها فأعدوه لسقفها، فاجتمعت قريش على هدمها، وذلك بعد الفجار بخمس عشرة سنة، ورسول الله ﷺ إذ ذاك ابن خمس وثلاثين سنة، فلما أجمعوا على هدمها قام أبو وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، وهو جد سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب، فتناول حجراً من الكعبة فوثب من يده فرجع إلى موضعه، فقال: يا معشر قريش، لا تدخلن في بنيانها