بن لُؤَي، فقطع أكْحَله، فلما رماه قال: خُذْها مِنِّي وأنا ابن العَرِقة، فقال سعد: عَرَّق الله وجهك في النار، اللهمّ إن كنت أبقيت من حرب قريشٍ شيئاً فأبقني لها، فإنه لا قومَ أحبَّ إليَّ أن أجاهد مِنْ قَوْمٍ آذَوا رسولك وكذبوه وأخرجوه، وإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعله لي شهادة، ولا تُمتْني حتى تَقَرّ عيني في بني قريظة.
وهذا حِبّان، بكسر الحاء، وبالباء الموحدة، وقيل غير ذلك، وهذا أصح، وهو ابن عبد مناف بن عَمْرو بن مَعِيص بن عامر بن لُؤَي، وإنما قيل له: ابن العَرِقة، لأنَّ أُمَّه، وهي إمرأة من بني سهم، كانت طَيِّبة الريح.
قال: وحَدَّثنا يونُس عن ابن إسْحاق، قال: حَدَّثَني مَنْ لا أتَّهم، عن عبد الله بن كعب ابن مالك أنه كان يقول: ما أصاب سعد يومئذ بالسهم إلا أبو أسامة الجشمي حليف بني مخزوم.
قال: وكان رسولُ الله ﷺ حين أصاب سعداً السهمُ أمَرَ أن يجعل في خيمة رُفَيدة الأسلمية، في المسجد، ليعودَه من قريب.
فلما حضر رسول الله ﷺ قُرَيظة، وأذعنوا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ. أخبرنا عبد الله ابن أحمد بن عبد القاهر الخطيب بإسناده إلى أبي داود الطيالسي، أخبرنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، قال: سمعت أبا أمامة بن سهل بن حُنَيف يُحَدِّث عن أبي سعيد الخدري، قال: لما أرسل رسول الله ﷺ إلى سعد بن مُعَاذ ليحضر يَحْكُمَ في قريظة، فأقبل على حمار، فلما دنا من النبي ﷺ، قال:(قوموا إلى سيدكم)، أو قال:(خَيْرِكم، أحكم فيهم). قال: إني أحكم فيهم أن تَقْتُل مُقَاتِلَتهم، وتسبي ذراريهم، فقال رسول الله ﷺ:(حكمت بحكم المَلِك).
وأخبرنا أبو جعفر بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: فقاموا إليه فقالوا: يا أبا عَمْرو، قد ولاَّك رسول الله ﷺ أمْرَ مواليك لتحكم فيهم، فقال سعد: عليكم بذلك عهد الله وميثاقه؟ قالوا: نعم، قال: وعلى مَنْ هاهنا؟ من الناحية التي فيها رسول الله ﷺ ومن معه، وهو مُعْرِض عن رسول الله ﷺ إجلالاً له، فقال رسول الله ﷺ:(نعم)، فقال سعد: أحكم أن تُقْتل الرجال، وتُقَسَّم الأموال، وتُسْبى الذراري.