للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان جده أبو أُحيحة إذا اعتمّ بمكةَ لا يعتمُّ أحدٌ بلون عمامته؛ إعظاماً له، وكان يقال له: ذو التاج.

وكان هذا سعيد من أشراف قريش وَأجْوَادِهم وفصحائهم، وهو أحد الذين كتبوا المصحف لعثمان بن عفان، واستعمله عثمان على الكوفة بعد الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيط.

وغزا طَبَرِسْتَان فافتتحها، وغزا جُرْجان فافتتحها، سنة تسع وعشرين أو سنة ثلاثين، وانتقضت أذربيجان، فغزاها، فافتتحها في قول.

ولما قتل عثمان لزم بيته واعتزل الفتنة، فلم يَشْهَد الجمل ولا صِفّين، فلما استقر الأمر لمعاوية أتاه، وله مع معاوية كلام طويل؛ عاتبه معاوية على تَخَلُّفه عنه في حروبه، فاعتذر هو، فَقَبِل معاوية عذره، ثم ولاه المدينة، فكان يوليه إذا عَزَل مروان عن المدينة، ويولي مَرْوان إذا عزله، وكان سعيد كثير الجود والسخاء، وكان إذا سأله سائل، وليس عنده ما يعطيه، كتب به ديناً إلى وقت ميسرته، وكان يجمع إخوانه كل جُمعة يوماً فيصنع لهم الطعام، ويخلع عليهم، ويرسل إليهم بالجوائز، ويبعث إلى عيالاتهم بالبر الكثير، وكان يبعث مولى له إلى المسجد بالكوفة في كل ليلة جمعة ومعه الصرر فيها الدنانير، فيضعها بين يدي المصلين، وكان قد كثر المصلون بالمسجد بالكوفة في كل ليلة جمعة، إلا أنه كان عظيم الكبر.

وروى سعد هذا عن النبي ، وعن عمر، وعن عثمان، وعن عائشة. روى عنه ابنا يحيى وعَمْرو الأشدق، وسالم بن عبد الله بن عمر، وعروة.

روى ابن شهاب، عن يحيى بن سعيد بن العاص، عن أبيه سعيد، قال: استأذن أبو بكر على النبي ، وهو مضطجع في مِرْط عائشة. فأذن له، وهو كذلك، فقضى حاجته ثم انصرف، ثم استأذن عمر. فأذن له، وهو على ذلك، فقضى حاجته ثم انصرف، قال عثمان: ثم استأذنت عليه، فجلس فجمع عليه ثيابه، فقضِيت حاجتي ثم انصرفت. فقالت له عائشة: مالك لم تفزع لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان فقال النبي : (إن عثمان رجل حَييّ وخشيت إن أذنت له، وأنا على حالتي تلك أن لا يبلغ في حاجته).

وتوفي سعيد بن العاص سنة تسع وخمسين، ولما حضرته الوفاة قال لبنيه: أيكم يقبل وصيتي؟ قال ابنه الأكبر: أنا يا أبه. قال: إن فيها وفاء ديني، قال: وما دينك؟ قال: ثمانون ألف دينار. قال: وفيم أخذتها؟ قال: يا بني في كريم سددت خَلَّته، وفي رجل جاءني ودمه

<<  <  ج: ص:  >  >>