ومعهم رهط من قومهم، وطلبوا منه أن لا يقاتلوه، ولا يقاتلوا معه قريشاً، وتبرءوا إليه من أسيد بن أبي أناس، وقالوا: إنه قد نال منك، فأباح النبي ﷺ دمه، وبلغ أسيداً ذاك؛ فأتى الطائف، فلما كان عام الفتح خرج سارية بن زنيم إلى الطائف، فأخبر أسيداً بذلك، وأخذه وأتى به النبي ﷺ فجلس بين يديه وأسلم، فأمنه رسول الله ﷺ ومسح وجهه وصدره، فقال:
وأنتَ الفتى تهدِي معدّاً لدينها … بل الله يهديها وقال لك: اشهدِ
فما حَمَلت من ناقة فوق كُورها … أبرَّ وأوفى ذمةً من محمدِ
وأكسى لِبُرْد الخال قبل ابتذاله … وأعطى لرأس السابق المتجردِ
تعلَّمْ رسول الله أنك قادرٌ … على كل حيّ مُتْهمِين ومنجدِ
تعلم بأن الركب ركبَ عُويمرٍ … هم الكاذبون المخلفو كلِّ موعدِ
أنَبَّوا رسول الله أن قد هجوته؟ … فلا رفعت سوطي إليَّ إذنْ يدي
سوى أنني قد قلت: ويل أمِّ فتيةٍ … أصيبوا بنحس لا بطَلْقٍ وأسعدِ
وهي أكثر من هذا.
فلما أنشده:
وأنت الفتى تهدي معداً لدينها
قال رسول الله ﷺ:(بل الله يهديها) قال الشاعر:
بل الله يهديها وقال لك أشهد.
قال أبو نصر الأمير: أسيد بن أبي أناس ابن زنيم بن محمية بن عبيد بن عدي بن الديل، كان شاعراً، وهو الذي كان يحرض على علي بن أبي طالب، ﵁، فأهدر رسول الله ﷺ دمه، ثم أتاه عام الفتح فأسلم وصحبه. وقد أسقط ابن ماكولا من نسبه، والصحيح ما ذكرناه أولاً.