وكانت نِهَاباً تَلَافَيْتُها … بَكَرِّي على المُهْرِ في الأجْرَع
وإيقاظيَ القوم أن يرقُدوا … إذا هجع القوم لم أهجَع
فقال رسول الله ﷺ:(اذهبوا فاقطعوا عني لسانه). فأعطَوه حتى رضي، وقيل: أتمها له مائة.
وكان شاعراً محسناً، وشجاعاً ومشهوراً. قال عبد الملك بن مروان: أشجع الناس في شعره عباسُ بن مِرْداس حيث يقول:
أُقَاتِلُ في الكَتِيبَةِ لا أُبالي … أفِيها كان حَتْفِي أمْ سِوَاها
وكان العباس بن مِرْدَاس ممن حَرَّم الخَمْرَ في الجاهلية، فإنه قيل له: ألا تأخذ من الشراب فإنه يَزِيدُ في قوتك وجَرَاءَتِك؟ قال: لا أصبح سَيِّد قومي وأمسي سفيهها؛ لا والله لا يدخل جَوْفي شَيْءٌ يحول بيني وبين عقلي أبداً. وكان ممن حرمها أيضاً في الجاهلية: أبو بكر الصديق، وعثمان بن مَظْعون، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف وفيه نظر وقيس بن عاصم. وحَرّمها قبل هؤلاء: عبد المطلب بن هاشم، وعبد الله بن جُدْعان. ويقال: أول من حرمها على نفسه في الجاهلية عامر بن الظَّرِب العَدْوَاني. وقيل: بل عفيف بن معديكرب العَبْدي.
وكان عباس بن مرداس ينزل بالبادية بناحية البصرة، وقيل: إنه قَدِمَ دمشق وابتنى بها داراً.
أخبرنا المنصور بن أبي الحسن الفقيه بإسناده إلى أبي يعلى أحمد بن علي قال: حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي حدثنا عبد القاهر بن السريّ السلمي، حدثني كنانة بن العباس بن مرداس، عن أبيه العباس: أن رسول الله ﷺ دعا عشية عرفة لأُمته بالمغفرة والرحمة، وأكثر الدعاء، فأجابه الله ﷿: أني قد فعلت وغفرت لأُمتك إلا ظُلْمَ بعضهم بعضاً. فأعاد فقال: يا رب، إنك قادر أن تغفر للظالم، وتثيب المظلوم خيراً من مظلمته. فلم يكن تلك العشية إلا إذا. فلما كان من الغد دعا غداة المزدلفة، فعاد يدعو لأُمته، فلم يلبث النبي ﷺ أن تبسم. فقال بعض أصحابه: بأبي أنت وأُمي تبسمتَ في ساعة لم تكن تضحك