لرجل من الأنصار، فإذا فيه جَمَل، فلما رأى النبي ﷺ جَرْجَر وذَرِفت عيناه. قال: فأتاه النبي ﷺ فمسح رأسه إلى سَنَامه وذِفْرَيْه فسكن فقال: من رب هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله. قال:(أفلا تتق الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكى أنك تجيعه وتُدْئِبُه).
وروى هِشام بنُ عروة عن أبيه، عن عبد الله ابن جَعْفر قال: قال رسول الله ﷺ: (خَيرُ نِسائِها مريمُ بنتُ عمران، وخير نِسائها خديجة بنت خويلد).
وكان عبد الله كريماً جواداً حليماً، يسمى بَحْرَ الجُود:
أخبرنا أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن الدمشقي إذْناً، أخبرنا أبي، حدثنا أبو الحسن علي ابن أحمد بن منصور، أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أخبرنا جدي أبو بكر، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن رَبِيعة بن زَيْر، أخبرنا محمد بن القاسم ابن خَلاَّد، حدثنا الأصمعي عن العمري وغيره: أن عبد الله بن جعفر أسلف الزبير بن العوام ألف ألف درهم، فلما قتل الزبير قال ابنه عبد الله لعبد الله بن جعفر: إني وجدت في كتب أبي أن له عليك ألف ألف درهم. فقال: هو صادق فاقبضها إذا شئت. ثم لقيه فقال: يا أبا جعفر، وَهَمْتُ، المالُ لَكَ عَلَيْه. قال: فهو له. قال لا أريد ذاك. قال فاختر إن شئت فهو له، وإن كرهت ذلك فله فيه نَظِرَةٌ ما شئت، وإن لم ترد ذلك فبعني من ماله ما شئت. قال: أبيعك ولكن أُقوِّم. فَقَوَّم الأموال ثم أتاه فقال: أُحِبُّ أن لا يحضرني وإياك أحد. قال: فانطَلِقْ. فمضى معه فأعطاه حراباً وشيئاً لا عمارة فيه وقَوَّمه عليه، حتى إذا فرغ قال عبد الله بن جَعفر لغلامه: ألق لي في هذا الموضع مصلى. فألقى له في أغلظ موضع من تلك المواضع مُصَلَّى، فصلى ركعتين وسجد فأطال السجود يدعو، فلما قضى ما أراد من الدعاء قال لغلامه: احفر في موضع سجودي فحفر، فإذا عين قد أَنْبَطَها، فقال له ابن الزبير: أقلني، قال: أمَّا دعائي وإجابةُ الله إيَّاي فلا أُقِيلُك، فصار ما أخذ منه أعمر مما في يد ابن الزبير.