فصلى الظهر، فلما سَلّم قام على المنبر فذكر الساعة، وذكر أن بين يديها أُموراً عظاماً، ثم قال:(مَن أحب أن يسأل عن شيءٍ فليسأل عنه، فوالله لا تسألوني عن شيءٍ إلا أخبرتكم به ما دمت في مقامي هذا. قال: فسأله عبد الله بن حُذَافة فقال: من أبي؟ قال: أبوك حذافة) … وذكر الحديث.
وأرسله رسول الله ﷺ بكتابه إلى كسرى يدعوه إلى الإسلام، فمزَّقَ كتابَ رسول الله ﷺ، فقال رسول الله ﷺ:(اللهم مَزِّق ملكَه). فقتله ابنهُ شِيرَوَيْهِ.
وكان فيه دُعَابة، وأَسرَتْه الروم في بعض غزواته على قَيْسَارِيّة: أخبرنا أبو محمد بن أبي القاسم بن عساكر إذْناً قال أخبرنا والدي، قال: أخبرنا أبو سعد المُطَرِّز وأبو علي الحَدَّاد، قالا: أخبرنا أبو نعيم، ثابت بن بُنْدار بن أسَد، حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الإسْتِرَاباذِي، حدثنا عبد الملك بن محمد بن نُعَيْم، حدثنا صالح بن علي النَّوْفَلِي قال حدثنا عبد الله بن محمد بن رَبيعة القُدَامِي، حدثنا عُمَر بن المغيرة، عن عطاء ابن عَجْلان، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس قال: أسرت الروم عبد الله بن حذافة السهمي، صاحِب النبي ﷺ، فقال له الطاغية: تَنَصَّرْ وإلاَّ ألقيتك في البقرة، لِبَقَرةٍ من نحاس، قال: ما أفعل. فدعا بالبقرة النحاس فملئت زيتاً وأُغْلِيت، ودعا برجل من أسرى المسلمين فعرض عليه النصرانية، فأبى، فألقاه في البقرة، فإذا عظامه تلوح، وقال لعبد الله: تَنَصَّرْ وإلا ألقيتك. قال: ما أفعل. فأمر به أن يلقى في البقرة فبكى، فقالوا: قد جزع، قد بكى: قال ردوه. قال: لا ترى أني بكَيْتُ جَزَعاً مما تريد أن تصنع بي، ولكني بكيت حيث ليس لي إلا نَفْسٌ واحدة يفعل بها هذا في الله، كنت أُحبّ أن يكونَ لي من الأنفس عَدَد كل شعرة في، ثم تُسلَّطَ عليّ فتفعل بي هذا. قال: فأُعجِبَ منه وأحبَّ أن يطلقه، فقال: قَبِّلْ رأسي وأُطلقك. قال: ما أَفْعَل. قال: تَنَصّرْ وأزوجك بنتي وأقاسمك ملكي. قال: ما أفعل. قال: قبل رأسي وأُطلقك وأُطلق معك ثمانين من المسلمين. قال: أما هذه فنعم. فَقَبَّل رأسه، وأطلقه، وأطلق مع ثمانين من المسلمين. فلما قَدِموا على عمر بن الخطاب قام إليه عُمَر فقبل رأسه، قال: فكان أصحاب رسول الله ﷺ يمازحون عبد الله فيقولون: قبلت رأَس عِلْج، فيقول لهم: أطلق الله بتلك القبلة ثمانين من المسلمين.
أخبرنا أبو ياسر بن أبي حبة بإسناده إلى عبد الله بن أحمد قال: حدثني عبد الرحمن،