قالت: رأيت كأن السماءَ انفرجت فدخل فيها ثم أطبقت، فقلت: هذه الشهادة: فأشهدتُ عليه، وعَلِقْتُ بعبد الله تلك الليلة.
وقد رَوَى عن النبي ﷺ ورآه. روى عنه عبدُ الله بن يزيد الخَطْمِي، وأسماء بنت زيد بن الخطَّاب، وعبد الله بن أبي مُلَيْكَة وغيرهم.
روى المُسَيَّب بن رافع ومَعْبَد بن خالد، عن عبد الله بن يزيد الخَطْمِيّ وكان أميراً على الكوفة قال: أتينا قيسَ بن سعد بن عُبادة في بيته، فأذَّن بالصلاة فقلنا: قُمْ فصلِّ بنا. فقال: لم أكن لأُصَلِّيَ بقوم لست عليهم أميراً. فقال عبد الله بن حنظلة: إن رسول الله ﷺ قال: (إن الرجل أحق بصدر دابته، وصدر فراشه، وأن يَؤمَّ في رَحْلِه). قال: فقال قيس لمولى لهم: قُمْ فصل بهم.
وقتل عبد الله يوم الحَرّة، في ذي الحَجَّة، سنة ثلاث وستين، قتله أهلُ الشام؛ وكان سبب وقعة الحَرَّة أنه وفد هو وغيرُه من أهل المدينة إلى يزيد بن معاوية، فرأوا منه ما لا يصلح فلم ينتفعوا بما أخذوا منه، فرجعوا إلى المدينة وخلعوا يزيد، وبايعوا لعبد الله بن الزبير، ووافقهم أهلُ المدينة؛ فأرسل إليهم يزيدُ مُسْلِمَ ابن عُقْبَة المُرِّي، وهو الذي سماه الناس بعد وقعة الحرة مُجْرِماً، فأوقع بأهل المدينة وقعة عظيمة، قتلَ كَثِيراً منهم في المعركة، وقتل كثيراً صَبْراً. وكان عبد الله بن حنظلة ممن قُتِل في المعركة، ولما اشتدَّ القتال قَدَّم بنيه واحداً واحداً، حتى قتلوا كلهم، وهم ثمانية بنين، ثم كسر جفن سيفه فقاتل حتى قتل.
وكان فاضلاً صالحاً، عظيم الشأن كبير المَحَلّ، شريف البيت والنسب. سمع قارئاً يقرأ: ﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ ومِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ﴾ فبكى حتى ظنوا أن نفسه ستخرج، ثم قام فقيل: يا أبا عبد الرحمن، اقعد. فقال: منع مني ذِكْرُ جَهَنَّمَ القعودَ، ولا أدري لعلي أحدهم.
وقال مولاه سعيد: لم يكن لعبد الله بن حنظلة فِراشٌ ينام عليه، إنما كان يلقي نفسه إذا أعيا من الصلاة، يتوسد رداءَه وذراعه، ويهجع شيئاً.
قال عبد الله بن أبي سفيان: رأيت عبد الله ابن حنظلة في النوم بعد مقتله في أحسن صورة، فقلت: أمَا قُتِلت؟ قال بلى، ولقيت ربي فأدخلني الجنة، فأنا أَسْرح في ثمارها حيث شئت، فقلت: أصحابُك؟ ما صُنِع بهم؟ قال: هم معي حول لوائي، لم تُحَلَّ عُقَدُه حتى