فعلموا أنه كما قال، قالوا: يا صاحب رسول الله، هل يُدْفَن النبي ﷺ؟ قال: نعم. قالوا: أين يدفن؟ قال: حيث قَبَضَ الله رُوحَه، فإن لم يقبضه إلا في موضع طَيِّب. قال: فعرفوا أنه كما قال. ثم قال: عندكم صاحبكم.
ثم خرج، فاجتمع إليه المهاجرون أو من اجتمع إليه منهم فقال: انطلقوا إلى إخواننا من الأنصار، فإن لهم في هذا الحَقّ نصيباً. قال: فذهبوا حتى أتوا الأنصار، قال: فإنهم ليتآمرون إذ قال رجل من الأنصار: (منا أميِرٌ ومنكم أمِير) فقام عُمَر وأخذ بيد أبي بكر، فقال:(سيفان في غمد إذَنْ لا يصطحبان) ثم قال: من له هذه الثلاثة: ﴿إذْ هُمَا في الغَارِ، إذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إنَّ اللّهَ مَعَنَا﴾ مع من؟ فبسط يد أبي بكر فضرب عليها، ثم قال للناس: بايعوا. فبايع الناسُ أحسن بَيْعَة).
أخبرنا أبو ياسر بن أبي حبة بإسناده عن عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن عاصم، عن زِرَ، عن عبد الله قال:(لما قُبِض رسولُ الله ﷺ قالت الأنصار: (منا أمير ومنكم أمير) فأتاهم عمر فقال: يا معشر الأنصار، ألستم تعلمون أن رسول الله ﷺ أمر أبا بكر أن يَؤُمَّ الناس؟ فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟ فقالوا:(نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر).
أخبرنا القاسم بن علي الدمشقي، عن أبيه، أخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرحمن، حدثنا أبو الحسن الخلعي، أخبرنا أبو محمد بن النحاس، أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي، حدثنا مُشْرف بن سعيد الواسطي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زِرّ بن حُبَيش، عن عبد الله قال: كان رجوع الأنصار يوم سقيفة بني ساعِدَةَ بكلامٍ قاله عمر، قال: أنْشُدُكم بالله، أُمِر أبُو بكر أن يصلي بالناس؟ قالوا: اللهم نعم. قال: فأيكم تطيب نفسه أن يُزيله عن مُقَامِه الذي أقامه فيه رسولُ الله ﷺ؟ قالوا: كلنا لا تطيب أنفسنا، نستغفر الله.
وقد ورد في الصحيح حديث عمر في بيعة أبي بكر، وهو حديث طويل، تركناه لطوله وشهرته.