وقال ابن إسحاق: في سنة تسع عشرة بعثَ سعدُ بنُ أبي وَقَّاص عِياضَ بن غَنْم إلى الجزيرة وبعث معه أبا موسى وابنه عمر بن سعد، وبعث عياض أبا موسى إلى نَصِيبين فافتتحها في سنة تسع عشرة. وقيل: إن الذي أرسل عِيَاضاً أبو عبيدة بن الجَرّاح، فوافق أبا موسى، فافتتحا حَرَّان ونَصِيبين.
وقال خليفة: قال عاصم بن حفص: قدم أبو موسى إلى البصرة سنة سبع عشرة والياً، بعد عزل المغيرة، وكتب إليه عمر ﵁: أن سِرْ إلى الأهْوَاز فأتى الأهواز فافْتَتَحَها عَنْوة وقيل: صُلْحاً وافتتح أبو موسى أصبهان سنة ثلاث وعشرين، قاله ابن إسحاق.
وكان أبو موسى على البصرة لمّا قُتِل عمر، ﵁، فأقرّ عثمان عليها، ثمّ عزله واستعمل بعده ابن عامر، فسار من البصرة إلى الكوفة، فلم يزل بها حتى أخرج أهل الكوفة سعيد بن العاص، وطلبوا من عثمان أن يستعمله عليهم، فاستعمله، فلم يزل على الكوفة حتى قتل عثمان، ﵁. فعزله عليٌّ عنها.
قال عكرمة: لما كان يوم الحكمين، حَكَّم معاويةُ عَمْرَو بن العاص، قال الأحنف بن قيس لعلي: يا أمير المؤمنين، حكِّم ابن عباس، فإنه نحوه. قال: أفعل. فقالت اليمانية: يكون أحد الحكمين منَّا. واختاروا أبا موسى، فقال ابن عباس لعلي: علام تُحَكِّم أبا موسى؟ فوالله لقد عرفت رأيه فينا، فوالله ما نصرنا، وهو يرجونا، فتُدْخِله الآن في مَعَاقِد الأمر مع أن أبا موسى ليس بصاحب ذلك فاجعل الأحْنَف فإنَّه قرْن لعَمْرو. فقال: أفعل. فقالت اليمانية أيضاً منهم الأشعث ابن قيس وغيره: لا يكون فيها إلاَّ يَمَان، ويكون أبا موسى. فجعله عليّ ﵁، وقال له ولعَمْرُو: أحكمكما على أن تحكما بكتاب الله، وكتاب الله كله معي، فإن لم تحكما بكتاب الله فلا حكومة لكما. ففعلا ما هو مذكور في التواريخ، وقد استقصينا ذلك في الكامل في التاريخ.
ومات أبو موسى بالكوفة، وقيل: مات سنة اثنتين وأربعين. وقيل: سنة أربع وأربعين، وهو ابن ثلاث وستين سنة. وقيل: توفي سنة تسع وأربعين. وقيل: سنة خمسين. وقيل: سنة اثنتين وخمسين. وقيل: سنة ثلاث وخمسين والله أعلم.