ونطعم لناس عند المحْلِ كلَّهم … من السديف إذا لم يؤنس القَزعُ
إذا أبينا فلا يأبى لنا أحدٌ … إنا كذلك عند الفخر نرتفعُ
فقال رسول الله ﷺ: (عليَّ بحسان بن ثابت)، فحضر، وقال: قد آن لكم أن تبعثوا إلى هذا العَوْد، والعود: الجمل المسن، فقال له رسول الله ﷺ: (قم فأجبه) فقال: أسمعني ما قلت، فأسمعه، فقال حسان:
نصرنا رسول الله والدين عنوة … على رغم عات من معد وحاضرِ
بضرب كإيزاغ المخاض مُشَاشَه … وطعن كأفواه اللقاح الصوادرِ
وَسَلْ أحُداً يوم استقلت شِعَابه … بضرب لنا مثل الليوث الخوادرِ
ألسنا نخوض الموت في حومة الوغى … إذا طاب وِرْدُ الموت بين العساكرِ
ونضرب هَامَ الدَّارعين وننتمي … إلى حَسَب من جِذْم غَسَّان قاهِرِ
فأحياؤنا من خير من وَطِئَ الحصى … وأمواتنا من خير أهل المقابرِ
فلولا حياء الله قلنا تكرُّماً … على الناس بالخَيْفَيْنِ: هل من منافرِ
فقام الأقرع بن حابس فقال: إني، والله يا محمد، لقد جئت لأمر ما جاء له هؤلاء، قد قلت شعراً فاسمعه، قال: (هات)، فقال:
أتيناك كيما يعرف الناس فضلنا … إذا خالفونا عند ذِكْرِ المكارمِ
وأنا رؤوسُ الناس من كل معشرٍ … وأن ليس في أرض الحجاز كدارمِ
فقال رسول الله ﷺ: (قم يا حسان فأجبه)، فقال:
بني دارم لا تفخروا إن فخْركم … يعود وَبالاً عند ذِكْرِ المكارمِ
هبِلْتُمْ علينا؟ تَفْخرون وأنتم … لنا خَوَلٌ من بين ظِئْرٍ وخادمِ
فقال رسول الله ﷺ: (لقد كنت غنياً يا أخا بني دارم أن يذكر منك ما كنت ترى أن الناس قد نسوه)؛ فكان قول رسول الله ﷺ أشد عليهم من قول حسان.
ثم رجع حسان إلى قوله: