مُؤْتَة، ثمّ رَجَعَ فَعَرَض له مَرَضٌ، فلم يُسْمَعْ له بِذِكْرٍ في غزوة الفتح ولا حُنَيْن ولا الطائف. وقد أَعطاه رسول الله ﷺ من خيبر مائة وأَربعين وَسْقاً كل سنة.
وقد قيل: إِنه ممن ثبت يوم حُنَين مع رسول الله ﷺ.
وكان سريعَ الجواب المُسْكِتِ، للخَصْم، وله فيه أَشياءُ حسنة لا نطول بذكرها. وكان أَعلم قريش بالنسب، وأَعْلمهم بأَيَّامِهَا، ولكنه كان مُبْغَضاً إِليهم، لأَنه كان يَعُدُّ مَسَاوِيَهُم.
وكانت له طِنْفسة تُطْرَحُ له في مسجد رسول الله ﷺ، ويجتمع الناس إِليه في علم النسب وأَيام العرب. وكان يُكْثِرُ ذكر مَثَالِب قريش، فعادَوْه لذلك، وقالوا فيه بالباطل، ونسبوه فيه إِلى الحمق، واختلقوا عليه أَحاديث مزورة، وكان مما أَعانهم عليه مَفَارَقَتُه أَخاه علياً ﵁، ومسِيرُه إِلى معاوية بالشام، فقيل: إِن معاوية قال له يوماً: (هذا أَبو يزيد لولا علمه بأَني خير له من أَخيه، لما أَقام عندنا). فقال عقيل:(أَخي خير لي في دِيني، وأَنت خير لي في دنياي، وقد آثرت دُنياي، وأَسأَل الله خاتمةَ خَيْر بمنِّه).
وإِنما سار إِلى معاوية لأَنه زَوْجَ خالَتِه فاطمة بنت عُتْبَة بن ربيعة وَلِمَا: أَخبرنا أَبو محمد ابن أَبي القاسم الدمشقي كتابة، أَخبرنا أَبي قال: قرأَت على أَبي محمد عبد الله بن أَسد بن عمار، عن عبد العزيز بن أَحمد، أَخبرنا عبد الوهاب بن جعفر بن علي، ونقلته من خطه، حدثني أَحمد ابن علي بن عبد الله، حدثني محمد بن سعيد العوصي، حدثنا محمود بن محمد الحافظ. حدثنا عبيد الله بن محمد، حدثني محمد بن حسان الضبي، حدثنا الهيثم بن عدي، حدثني عبد الله بن عياش المرهبي وإِسحاق بن سعد، عن أَبيه: أَنَّ عَقيلٌ ابن أَبي طالب لزمه دَيْنٌ، فقَدِمَ عَلَى عَلِيِّ بن أَبي طالب الكوفةَ، فأَنزله وأَمر ابنه الحَسَنَ فكساه، فلما أَمسى دعا بعَشَائِه فإِذا خُبْزٌ ومِلْحٌ وبَقْلٌ، فقال عَقِيل: ما هو إِلا ما أَرى؟ قال: لا. قال: فَتَقْضِي دَيْنِي؟ قال: وكم دَيْنُك؟ قال: أَربعون أَلفاً. قال: ما هي عندي. ولكن اصبر حتى يخرج عطائي، فإِنه أَربعة آلاف فأَدْفَعه إِليك. فقال له عقيل: بيوتُ المال بيدك وأَنت تُسَوِّفُنِي بعطائك فقال: