للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

علي يقول: (لا يفوتنكم الرجل) وشدّ الناس عليهما من كل جانب، فأَما شبيب فأَفلت، وأَخذ ابن مُلجَم فأَدخل عَلى عَليّ، فقال: أَطيبوا طعامه، وأَلينوا فراشه، فإِن أَعش فأَنا وليّ دمي: عفو أَو قصاص، وأَن مت فأَلحقوه بي أُخاصمه عند رب العالمين. فقالت أُم كلثوم بنت عليّ: يا عدوّ الله، قتلت أَمير المؤمنين قال: ما قتلت إِلا أَباك، قالت: والله إِني لأَرجو أَن لا يكون علي أَمير المؤمنين بأْس. قال: فلم تبكين إِذاً ثم قال: والله لقد سممته شهراً يعني سيفه فإِن أَخلفني أَبعده الله وأَسحقه.

وبعث الأَشعث بن قيس ابنه قيس بن الأَشعث صبيحة ضرب علي، فقال: أَي بني، انظر كيف أَصبح أَمير المؤمنين؟ فذهب فنظر إِليه، ثم رجع فقال: رأَيت عينيه داخلتين في رأْسه، فقال الأَشعث: عَيْني دَمِيغ ورب الكعبة.

قال: ومكث عَليّ يوم الجمعة ويوم السبت وبقي ليلة الأَحد لإحدى عشرة بقيت من شهر رمضان من سنة أَربعين، وتوفي رضوان الله عليه، وغسله الحسنُ والحُسين وعبد الله بن جعفر، وكُفن في ثلاثة أَثواب ليس فيها قميص.

قالوا: وكان عبد الرحمن بن مُلجم في السجن، فلما مات علي ودُفن بعث الحسنُ بن علي إِلى ابن مُلجم، فأَخرجه من السجن ليقتله، فاجتمع الناس وجاءوا بالنّفط والبواري والنار، وقالوا: نحرقه. فقال: عبد الله بن جعفر، وحُسَين بن علي، ومحمد بن الحنفية، دعونا حتى نشفي أَنفسنا منه فقطع عبد الله بن جعفر يديه ورجليه، فلم يجزع ولم يتكلم، فكَّحل عينيه بمسمار مَحمِيّ، فلم يجزع، وجعل يقول: إِنك لتكحل عيني عمك بمملُول مُمض، وجعل يقرأ: ﴿اقْرَأْ بِاسْم رَبِّكَ الذي خَلَقَ﴾، حتى أَتى على آخر السورة، وإِن عينيه لتسيلان، ثم أَمر به فعولج عن لسانه ليقطعه، فجزع، فقيل له: قطعنا يديك ورجليك وسَمَلنا عينيك يا عدوّ الله، فلم تجزع، فلما صرنا إِلى لسانك جزعت. قال ما ذاك من جزع إِلا أَني أَكره أَن أَكون في الدنيا فواقاً لا أَذكر الله فقطعوا لسانه، ثم جعلوه في قوْصَرة فأَحرقوه بالنار، والعباس ابن علي يومئذ صغير، فلم يستأْن به بلوغه.

<<  <  ج: ص:  >  >>