وقد اختلف في خراسان، فقال بعضهم: فتحها عمر، ثم انتقضت بعده ففتحها عثمان: وقيل: إِنه لم يفتحها، وإِنما فتِحت أَيام عثمان، وهو الصحيح.
وأَدرّ العطاءَ على الناس، ونَزَّل نفسه بمنزلة الأَجير وكآحاد المسلمين في بيت المال، ودَوّن الدواوين، ورَتَّب الناس على سابقتهم في العطاء والإِذن والإِكرام، فكان أَهل بدر أَوّل الناس دخولاً عليه، وكان عَلِي أَوّلهم. وكذلك فعل بالعطاءِ، وأَثبت أَسماءَهم في الديوان على قربهم من رسول الله ﷺ، فبدأَ ببني هاشم، والأَقرب فالأَقرب.
أَنبأَنا القاسم بن علي بن الحسن إِجازة، أَنبأَنا أَبي، أَنبأَتنا فاطمة بنت الحسين بن الحسن بن فضلويه قالت: أَنبأَنا أَبو بكر أَحمد بن الخطيب، أَنبأَنا أَبو بكر الحِيْرِي، أَنبأَنا أَبو العباس الأَصم، أَنبأَنا الرّبيع قال: قال الشافعي: أَخبرني عمي محمد بن علي بن شافع، عن الثقة أَحسبه محمد بن علي بن الحسن أَو غيره عن مولى لعثمان بن عفان قال: بينا أَنا مع عثمان في مال له بالعالية في يوم صائف، إِذ رأَى رجلاً يسوق بَكْرَين، وعلى الأَرض مثل الفراش من الحر، فقال: ما على هذا لو أَقام بالمدينة حتى يبرد ثم يروح. ثم دنا الرجل فقال: انظر من هذا؟ فنظرت فقلت: أَرى رجلاً مُعْتَمّاً بردائه، يسوق بَكْرَين، ثمّ دنا الرجل فقال: انظر. فنظرت فإِذا عمر بن الخطاب، فقلت: هذا أَمير المؤمنين. فقام عثمان فأَخرج رأْسه من الباب فإِذا نَفْح السموم، فأَعاد رأَسه حتى حاذاه، فقال: ما أَخرجك هذه الساعة؟ فقال: بكران من إِبل الصدقة تخلَّفا، وقد مُضِي بإِبل الصدقة، فأَردت أَن أُلْحِقَهما بالحِمَى، وخشيت أَن يضيعا، فيسأَلني الله عنهما. فقال عثمان: يا أَمير المؤمنين، هَلُمَّ إِلى الماءِ والظل ونكفيك. فقال: عُدْ إِلى ظلك. فقلت: عندنا من يكفيك فقال: عد إِلى ظلك. فمضى، فقال عثمان: من أَحب أَن ينظر إِلى القوي الأَمين فلينظر إِلى هذا فعاد إِلينا فأَلقى نفسه.
روى السَّرِيّ بن يحيى، حدثنا يحيى بن مصعب الكلبي، حدثنا عمر بن نافع الثقفي، عن أَبي بكر العبسي قال: دخلت حين الصدقة مع عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أَبي طالب، فجلس عثمان في الظل، وقام عليّ على رأْسه يملي عليه ما يقول عمر، وعمر قائم في الشمس في يوم شديد الحر، عليه بردتان سوداوان، متزر بواحد وقد وضع الأُخرى على رأْسه، وهو يتفقد إِبل الصدقة، فيكتب أَلوانها وأَسنانها. فقال علي لعثمان: أَما سمعت قول