قدميه من طول القيام، وكان أكثر ما يحدِّثنا اشتكاء قريش؛ يقول: كنا بمكة، مستذلّين مستضعفين، فلما قدمنا المدينة انتصفنا من القوم فكانت سجال: الحرب لنا وعلينا، واحتبس عنّا ليلة عن الوقت الذي كان يأتينا فيه، ثم أتانا فقلنا: يا رسول الله، احتبست عنّا الليلة عن الوقت الذي كنت تأتينا فيه، فقال رسول الله ﷺ:(إنه طرأ عليّ حزبي من القرآن، فأحببت أن لا أخرج حتى أقضيه)، قال: فلما أصبحنا سألنا أصحاب رسول الله ﷺ عن أحزاب القرآن: كيف تحزبونه؟ فقال: ثلاث وخمس وسبع وتسع وإحدى عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصل.
قال أبو نعيم: ورواه بعض المتأخرين عن عثمان بن عبد الله عن أبيه عن جده أوس بن حذافة، فصار واهماً في هذا الحديث من ثلاثة أوجه: أحدها أنه زاد فيه عن أبيه عن جده أوس ابن حذافة، والثاني أنه جعل اسم حذيفة حذافة، والثالث أنه بنى الترجمة على أوس بن عوف، وأخرج الحديث عن أوس بن حذافة، وإنما اختلف المتقدّمون في أوس الثقفي هذا؛ فمنهم من قال: أوس بن حذيفة، ومنهم من قال: أوس ابن أبي أوس وكنّى أباه، ومنهم من قال: أوس بن أوس؛ وأما أوس بن أبي أوس الثقفي وقيل: أوس بن أوس فروى عنه الشاميون وعداده فيهم، فممن روى عنه: أبو الأشعث الصنعاني صنعاء دمشق وأبو أسماء الرَّحَبَيّ، وعبادة بن نسي، وابن محيريز، ومرثد بن عبد الله اليَزَنِيّ، وعبد الملك بن المغيرة الطائفي، فروى عنه أبو الأشعث:(من غسل واغتسل) الحديث قال: أبو نعيم: مات سنة تسع وخمسين.
هذا كلام أبو نعيم، وقد جعل أوس بن أبي أوس الثقفي، وأوس بن حذيفة واحداً، وجعل الراوي عنه أبا الأشعث، وجعله شامياً.
والذي قاله محمد بن سعد: أن أوس بن حذيفة الثقفي نزل الطائف؛ فإذن يكون غير الذي نزل الشام، وروى عنه الشاميون، وقال أبو نعيم عن محمد بن سعد: إن الذي سكن الطائف أوس ابن عوف الثقفي، وقال: هو أوس بن حذيفة ونسبه إلى جده، فلم ينقل ابن منده عن محمد بن سعد إلاّ أوس بن حذيفة لا أوس بن عوف، فليس لأبي نعيم فيه حجة، فصار الثلاثة عند أبي نعيم واحداً، وهم: أوس بن حذيفة، وأوس بن أبي أوس، وأوس بن عوف، وأما أبو عمر فجعلهم ثلاثة، وجعل لهم ثلاث تراجم.
وأما ابن منده فجعل الثقفيين ثلاثة وهم: أوس بن أوس، وأوس بن حذيفة، وأوس بن عوف، وقال في أوس بن عوف: توفي سنة تسع وخمسين، كما قال أبو نعيم في أوس بن