منه ويؤذونه، قال: قلت: خذ هذا البرد فالبسه، قال: لا تفعل فإنهم يؤذونني، قال: فلم أزل به حتى لبسه فخرج عليهم، فقالوا: من تُرَى خُدع عن بُرْده هذا؟ فوضعه، وقال: قد ترى، فأتيت المجلس فقلت: ما تريدون من هذا الرجل؟ قد آذيتموه، الرجل يعرى مرة ويكتسي مرة، وأخذتهم بلساني.
فقضى أن أهل الكوفة وفدوا إلى عمر بن الخطاب ﵁ فيهم رجل ممّن كان يسخر بأويس، فقال عمر: هل هاهنا أحد من القرنين؟ فجاء ذلك الرجل، قال: فقال عمر: إن رسول الله ﷺ قد قال: (إن رجلاً يأتيكم من اليمن يقال له: أويس لا يدع باليمن غير أم، وقد كان به بياض، فدعا الله فأذهبه عنه إلاّ مثل الدينار أو الدرهم؛ فمن لقيه منكم فمروه فليستغفر لكم).
فأقبل ذلك الرجل حتى دخل عليه قبل أن يأتي أهله، فقال أويس: ما هذه بعادتك؟ قال: سمعت عمر يقول: كذا وكذا فاستغفر لي، قال: لا أفعل حتى تجعل لي عليك أنك لا تسخر بي ولا تذكر قول عمر لأحد، فاستغفر له.
أخبرنا أبو الفرج بن محمود بن سعد بإسناده عن مسلم بن الحجاج، قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، ومحمد بن مثنى، ومحمد بن بشار، قال إسحاق: أخبرنا، وقال الآخران: حدّثنا، واللفظ لابن مثنى، قال: حدّثنا معاذ بن هشام، حدّثني أبي عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن أسير بن جابر قال:
كان عمر بن الخطاب إذا أتى أمداد اليمن سألهم: أفيكم أويس بن عامر؟ حتى أتى على أويس فقال: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم، قال: من مراد ثم من قرن؟ قال: نعم، قال: كان بك برص، فبرأت منه إلاّ موضع درهم؟ قال: نعم، قال: لك والدة؟ قال: نعم، قال سمعت رسول الله ﷺ يقول:(يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلاّ موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبرّه؛ فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل)، فاستغفر لي، فاستغفر له، فقال له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة، قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس أحب إليّ.
قال: فلما كان من العام المقبل حجر رجل من أشرافهم فوافق عمر، فسأله عن أويس قال: تركته رث البيت قليل المتاع قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (يأتي عليك أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن، ثم من مراد ثم من قَرَن. كان به برص فبرأ منه إلاّ موضع درهم، له