قال الحسن البصري: لما حَضَرَت قيس بن عاصم الوفاةُ، دعا بنيه فقال: يا بُنَي احفظوا عنِّي، فلا أَحَدَ أَنصحُ لكم مني، إِذا أَنا مِتُّ فسوِّدوا كبارَكم، ولا تُسوِّدُوا صِغاركم، فَتُسَفَه الناس كباركم، وتُهونوا عليهم. وعليكم بإِصلاح المال، فإِنه مَنْبَهَةٌ للكريم، ويُسْتَغنى به عن اللئيم، وإِياكم وَمسْأَلة الناسِ، فإِنها آخر كسب المرءِ، ولا تقيموا عليَّ نائحةً، فإِني سمعت رسولَ الله ﷺ نَهَى عن النائحة.
روى عنه الحسن، والأَحنف، وخليفة بن حُصَين، وابنه حكيم بن قيس.
أَنبأَنا يحيى بن محمود إِذناً بإِسناده إِلى ابن أَبي عاصم: حدثنا هدِيَّة بن عبد الوهاب أَبو صالح المروزي، عن النضر بن شُمَيل، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن مُطرف بن الشخير، عن حكيم بن قيس بن عاصم، عن أَبيه: أَنه أَوصى عند موته فقال: إِذا مت فلا تَنُوحوا عليّ، فإِن رسول الله ﷺ لم يُنَح عليه.
وخَلَّف من الولد اثنين وثلاثين ذكراً.
وروى أَبو الأَشهب عن الحسن، عن قيس ابن عاصم المِنْقَرِيّ: أَنه قدِم على النبيِّ ﷺ فقال: هذا سَيِّد أَهل الوَبَر، فسلمت عليه وقلت: يا رسول الله، المال الذي لا تَبِعه عليَّ فيه؟ قال:(نعم، المال الأَربعون، وإِن كثر فستون، ويل لأَصحاب المئين إِلا من أَدَّى حَقَّ الله في رسْلها ونَجْدتها، وأَطرَق فحلها، وأَفقر ظهرها، ومنح غزيرتها، ونحر سمينتها، وأَطعم القانع والمعتر) فقلت: يا رسول الله، ما أَكرمَ هذه الأَخلاق وأَحسنها؟ قال: (يا قيس، أَمالك