للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقالت: رَحِم الله لبيداً، كيف لو أَدرك زماننا هذا وهو حديث مسلسَل، لولا التطويل لذكرناه.

وروى أَبو هريرة عن النبي قال: أَصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد:

أَلا كُلُّ شَيءٍ ما خَلا الله بَاطِل

ولما أَسلم لَبِيد ترك قول الشعر، فلم يقل غير بيت واحد، وهو قوله:

مَا عَانَبَ المرءُ الكريمُ كَنَفْسِه … وَالمرْءُ يُصْلحُه القَرِينُ الصَّالحُ

وقيل: بل قال:

الحمدُ لله إِذ لَمْ يَأْتِنِي أَجَلِي … حَتَّى اكتَسَيتُ منَ الإِسْلَام سِرْبالا

وقيل: إِن هذا البيت لغيره، وقد ذكرناه. وقيل: بل قال.

وكُلُّ امرئٍ يَوماً سَيَعْلَم سَعْيَه … إِذَا كُشِفَتْ عِندَ الإِلَهِ المحَاصِدُ

وقال أَكثر أَهل الأَخبار: لم يقل شعراً منذ أَسلم.

وكان شريفاً في الجاهلية والإِسلام، وكان قد نذر أَن لا تهبّ الصَّبا، إِلا نحر وأَطعم. ثم إِنه نزل الكوفة، وكان المغيرة بن شعبة إِذا هبت الصبا يقول: أَعينوا أَبا عَقِيل على مروءَته: قيل: هبت الصبا يوماً، وهو بالكوفة، ولبيدٌ مُقْتر مُمْلق، فعلم بذلك الوليد بن عقبة بن أَبي معيط وكان أَميراً عليها، فخطب الناس وقال: إِنكم قد عرفتم نَذْرَ أَبي عَقِيل، وما وَكَّد على نفسه، فأَعينوا أَخاكم. ثم نزل، فبعث إِليه بمائة ناقة، وبعث الناس إِليه فقضى نذره، وكتب إِليه الوليد:

أَرَى الجَزَّار يَشْحَذُ شَفْرَتَيْهِ … إِذَا هَبَّت رِيَاحُ أَبي عَقِيلِ

أَغَرَّ الوَجْهِ أَبيضَ عَامِريَ … طَويلِ الباعِ كالسَّيفِ الصَّقيلِ

وَفي ابنُ الجَعْفَرِيِّ بَحَلْفَتَيهِ … عَلَى العِلاتِ والمالِ القَلِيلِ

بِنَحْرِ الكُومِ إِذ سَحَبَتْ عَلَيهِ … ذُيُولَ صَباً تَجَاوَبُ بالأَصِيلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>