للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تظهر عنه رِدة، وأقام بالبُطاح. فلمّا فرغ خالد من بني أسد وغَطَفان، سار إلى مالك وقدم البُطاح، فلم يجد به أحداً، وكان مالك قد فَرَّقهم ونهاهم عن الاجتماع. فلما قدم خالد البُطاح بث سراياه، فأتى بمالك بن نويرة ونَفَرٍ من قومه. فاختلفت السرية فيهم، وكان فيهم أبو قتادة، وكان فيمن شهد أنَّهم أذَّنوا وأقاموا وصلوا. فحبسهم في ليلة باردة، وأمَر خالد فنادى: أدْفِئُوا أسراكم وهي في لغة كِنَانة القتل فقتلوهم، فسمع خالد الواعِيَة فخرج وقد قتلوا، فتزوج خالد امرأته، فقال عمر لأبي بكر: سيفُ خَالِدِ فيه رَهَق وأكثر عليه، فقال أبو بكر: تأوّل فأخطأ. ولا أشِيم سيفاً سَلَّه الله على المشركين. وودى مالكاً، وقدم خالد على أبي بكر، فقال له عمر: يا عدوّ الله، قتلت امرأ مسلماً، ثمّ نزوت على امرأته، لأرجُمَنَّك.

وقيل: إن المسلمين لما غَشَوا مالكاً وأصحابه ليلاً، أخذوا السلاح، فقالوا: نحن المسلمون. فقال أصحاب مالك: ونحن المسلمون. فقالوا لهم: ضعوا السلاح وصلوا. وكان خالد يعتذر في قتله أنَّ مالكاً قال: ما إخالُ صاحبَكم إلا قال كذا. فقال: أوما تعده لك صاحباً؟ فقتله. فقدم متمم على أبي بكر يطلب بدم أخيه، وأن يرد عليهم سبيهم، فأمر أبو بكر بردّ السبي، ووَدَى مالكاً من بيت المال.

فهذا جميعه ذكره الطبري وغيره من الأئمة، ويدل على أنه لم يرتد. وقد ذكروا في الصحابة أبعد من هذا، فتركهم هذا عَجَب. وقد اختلف في ردّته، وعمر يقول لخالد: قتلت امرأً مسلماً. وأبو قتادة يشهد أنهم أذَّنوا وصَلَّوا، وأبو بكر يرد السبي ويعطي دِيةَ مالك من بيت المال. فهذا جميعه يدل على أنه مسلم.

وَوَصَفَ متمم بن نويرة أخاه مالكاً فقال: (كان يركب الفرس الحَرُون، ويقود الجمل الثَّفَال، وهو بين المزادتين النَّضُوحَتَين في الليلة القَرَّة، وعليه شملة فلُوتٌ، معتقِلاً رُمحاً خَطِّيًّا فيسري ليلته ثم يصبح وجهه ضاحكاً، كأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>