حبيب قال: لما انصرف القوم عن رسول الله ﷺ يعني ليلة العقبة الأُولى بعث معهم مصعب بن عُمَير.
قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر ابن قتادة أن مصعب بن عمير كان يصلي بهم، وذلك أن الأوس والخزرج كره بعضهم أن يَؤُمَّه بعض.
قال ابن إسحاق: وحدَّثني عبيد الله بن أبي بكر بن حزم، وعبيد الله بن المغيرة بن مُعَيقيب قالا: بعث رسول الله ﷺ مصعب بن عمير مع النفر الاثني عَشر الذين بايعوه في العقبة الأُولى، يُفَقِّه أهلها ويقرئهم القرآن، فكان منزله على أسعد بن زرارة، وكان إنما يسمى بالمدينة المقرئَ، يقال: إنه أوّل من جمع الجمعة بالمدينة، وأسلم على يده أُسيد بن حُضَير وسعد ابن مُعاذ. وكفى بذلك فخراً وأثراً في الإسلام.
قال البراءُ بن عازب: أوّل من قدم علينا من المهاجرين: مُصعَب بن عمير، أخو بني عبد الدار، ثمّ أتانا بعده عمرو بن أُم مكتوم، ثمّ أتانا بعده عمار بن ياسر، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، وبلال، ثمّ أتانا عمر بن الخطاب.
وشهد مصعب بدراً مع رسول الله ﷺ، وشهد أُحداً ومعه لواء رسول الله ﷺ، وقتل بأُحد شهيداً، قتله ابن قَمِئَة الليثي في قول ابن إسحاق.
أخبرنا أبو جعفر بإسناده عن يونس، عن ابن إسحاق، فيمن استشهد من المسلمين من بني عبد الدار: مصعب بن عمير بن هاشم، قتله ابن قَمِئَة الليثي.
قيل: كان عمره يوم قتل أربعين سنة، أو أكثر قليلاً. ويقال: فيه نزلت وفي أصحابه من المؤمنين: ﴿من المؤمنين رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللّهَ عَليه﴾ … الآية.
وروى محمد بن إسحاق، عن صالح بن كَيسان، عن بعض آل سعد، عن سعد بن أبي وقاص قال: كنا قوماً يصيبنا ظلَفُ العيش بمكة مع رسول الله ﷺ، فلمَّا أصابنا البلاءُ اعترفنا، ومررنا عليه فَصَبَّرنا، وكان مصعب بن عمير أنعم غلام بمكة، وأجوده حُلَةً مع أبويه، ثمَّ لقد رأيته جُهِد في الإسلام جهداً شديداً، حتى لقد رأيت جلده يَتَحشَّفُ كما يَتَحَشَّفُ جلد الحية.