فيها بَنِيه.
وقال الأصمعي: أبرع بيت قالته العرب بيت أبي ذؤيب:
والنَّفْسُ رَاغِبَةٌ إذا رغَّبْتَها … وَإِذا تُرَدّ إلى قلِيلٍ تَقْنَع
وهذا البيت من شعره المفضل، الذي يرثى فيه بنيه، وكانوا خمسة أصيبوا في عام واحد، وفيه حكم وشواهد، وأوّلها:
أَمِنَ المَنُونِ وَريْبِها تَتَوَجَّعُ … وَالدَّهْرُ لَيْسَ بمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ
قَالَت أُمامة: مَا لجسْمِكَ شَاحِباً … منذ ابتَذَلْتَ وَمِثْل مالِك يَنْفَع؟
أَمْ مَا لِجَنْبِكَ لَا يُلَائِم مَضْجَعاً … إِلاَّ أَقَضَّ عَلَيكَ ذاكَ المَضْجَعُ؟
فَأَجَبْتَها: أَنْ ما لِجِسْمِي أَنَّه … أَوْدَي بَنِيَّ مِنَ البلَاد فَوَدَّعُوا
أَوْدَى بَنِيَّ فَأَعْقَبُونِي حَسْرَةً … بَعْدَ الرُّقَادِ وَعَبْرَةً لا تُقْلِعُ
فَالعَيْنُ بَعْدَهُمُ كأَنَّ حِدَاقها … كحِلت بشَوْك فَهْيَ عُورٌ تَدْمَعُ
سَبَقوا هَوَى وَأَعْتَقوا لِهَوَاهُمُ … فَتُخَرَّمُوا وَلِكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَع
فَغَبَرْت بَعْدَهُمُ بِعَيْشِ نَاصِب … وَإِخَالَ أَنِّيَ لَاحِق مُسْتَتْبَعُ
وَلَقَدْ حَرَصْت بِأَن أُدَافِعَ عنهمُ … فَإِذَا المَنِيَّةُ أَقْبَلَتْ لَا تُدْفَعُ
وَإِذَا المَنِيَّة أَنْشَبَتْ أَظْفَارَهَا … أَلْفَيْتَ كُلَّ تَمِيمَةِ لَا تَنْفَعُ
وَتَجَلَّدِي للشَّامِتِين أُرِيهم … أَنِّي لِرَيبِ الدَّهْرِ لَا أَتَضَعْضَعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute