الحسين بن الفهم، أخبرنا محمد بن سعد، أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس، أخبرنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد المؤذن، حدّثني عبد الله بن محمد بن عمار بن سعد وعمار ابن حفص بن سعد، وعمر بن حفص بن عمر بن سعد، عن آبائهم، عن أجدادهم أنهم أخبروهم قالوا:
لما توفي رسول الله ﷺ جاء بلال إلى أبي بكر، ﵁، فقال: يا خليفة رسول الله ﷺ، إني سمعت رسول الله ﷺ يقول:(أفضل أعمال المؤمن الجهاد في سبيل الله) وقد أردت أن أرابط في سبيل الله حتى أموت)، فقال أبو بكر: أنشدك الله يا بلال، وحرمتي وحقي، فقد كبرت واقترب أجلي، فأقام بلال مع أبي بكر حتى توفي أبو بكر، فلما توفي جاء بلال إلى عمر ﵁ فقال له كما قال لأبي بكر، فردّ عليه كما ردّ أبو بكر، فأبى. وقيل إنه لما قال له عمر، ليقيم عنده، فأبى عليه: ما يمنعك أن تؤذن؟ فقال: إني أذّنت لرسول الله ﷺ حتى قبض، ثم أذّنت لأبي بكر حتى قبض؛ لأنه كان ولي نعمتي، وقد سمعت رسول الله ﷺ يقول:(يا بلال، ليس عمل أفضل من الجهاد في سبيل الله)، فخرج إلى الشام مجاهداً، وإنه أذّن لعمر بن الخطاب لما دخل الشام مرة واحدة، فلم يُرَ باكياً أكثر من ذلك اليوم.
روى عنه أبو بكر، وعمر، وعلي، وابن مسعود، وعبد الله بن عمر، وكعب بن عُجْرَة، وأسامة ابن زيد، وجابر، وأبو سعيد الخدري، والبراء بن عازب، وروى عنه جماعة من كبار التابعين بالمدينة والشام، وروى أبو الدرداء أن عمر بن الخطاب لما دخل مِنْ فتح بيت المقدس إلى الجابية سأله بلال أن يقرّه بالشام، ففعل ذلك، قال: وأخِي أبو رويحة الذي آخى رسول الله ﷺ بيني وبينه؟ قال: وأخوك، فنزلا دَارَيَّا في خَوْلان، فقال لهم: قد أتيناكم خاطبين، وقد كنا كافرين، فهدانا الله، وكنا مملوكين فأعتقنا الله، وكنا فقيرين فأغنانا الله، فإن تُزَوِّجُونا فالحمد للّه، وإن تردونا فلا حول ولا قوة إلاّ بالله، فزوّجوهما.
ثم إن بلالاً رأى النبي ﷺ في منامه وهو يقول:(ما هذه الجفوة يا بلال؟ ما آن لك أن تزورنا؟) فانتبه حزيناً، فركب إلى المدينة فأتى قبر النبي ﷺ وجعل يبكي عنده ويتمرّغ عليه، فأقبل الحسن والحسين، فجعل يقبّلهما ويضمّهما، فقالا له: نشتهي أن تؤذن في السحر،