أسلم حين أسلمت ثقيف سنة تسع في رمضان. رَوَى عن النبي ﷺ، روى عنه أبو سعيد البقال أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (أخوف ما أخاف على أُمتي ثلاث: إيمان بالنجوم، وتكذيب بالقدر، وجور الأئمة).
وكان أبو محجن شاعراً حَسَن الشعر، ومن الشجعان المشهورين بالشجاعة في الجاهلية والإسلام. وكان كريماً جَوَاداً، إلا أنه كان منهمكاً في الشرب، لا يتركه خوف حَدَ ولا لوم. وجلده عمر مراراً، سبعاً أو ثمانياً، ونفاه إلى جزيرة في البحر، وبعث معه رجلاً فهرَب منه، ولحق بسعد ابن أبي وقاص وهو بالقادسية يحارب الفرس، فكتب عمر إلى سعد ليحبسه، فحبسه. فلما كان بعض أيام القادسية واشتدّ القتال بين الفريقين، سأل أبو محجن امرأةَ سَعد أن تَحُلَّ قيده وتعطيه فرس سعد البلقاء، وعاهدها أنه إن سلم عاد إلى حاله من القيد والسجن، وإن استُشهد فلا تَبِعَةَ عليه. فلم تفعل، فقال:
فَلِله عَهْدُ لا أَخِيسُ بَعَهْدِهِ … لَئنْ فَرِجَتْ أَنْ لا أَزُورَ الحَوَانِيَا
فلما سَمِعَتْ سلمى امرأة سعد ذلك، رقَّتَ له فخلت سبيله، وأعطته الفرس، فقاتل قتالاً عظيماً، وكان يُكَبِّر ويحمل فلا يقف بين يديه أحد، وكان يقصف الناس قصفاً منكراً. فعجب الناس منه، وهَمُ لا يعرفونه، ورآه سعد وهو فوق القصر ينظر إلى القتال ولم يقدر على الركوب لجراح كانت به وضَرَبَان من عِرْق النَّسا، فقال: لولا أن أبا محجن محبوس لقلت: (هذا أبو مِحْجَن، وهذه البلقاء تحته). فلما تراجع الناس عن القتال، عاد إلى القصر وأَدخل رجليه في القيد، فأعلمت سلمى سعداً خبر أبي محجن، فأطلقه وقال: اذهب لا أَحُدُّك أبداً. فتاب أبو مِحْجَن حينئذ، وقال: كنت آنَفُ أن أتركها من أجل الحدّ.
قيل: إن ابناً لأبي محجن دخل على معاوية، فقال له: أبوك الذي يقول: