وأجمع أهل العلم بالشعر أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها.
وذكر الزبير بن بكار، عن محمد بن الحسن المخزومي، عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه عن أبِي وَجْزَة، عن أبيه: أن الخنساء شهدت القادسية ومعها أربعة بنين لها، فقالت لهم أوّلَ الليل: يا بنيّ، إنكم أسلمتم وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله إلا غيره إنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم ولا فَضَحت خالكم، ولا هَجَّنت حَسبَكم، ولا غَيَّرت نسبكم. وقد تعلمون ماأعدّ الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين. واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله ﷿: ﴿يا أيُّها الذِينَ آمَنُو اصبِرُوا وَصابِرُوا ورَابطُوا، واتقُو الله لَعَلَّكم تُفْلِحُونَ﴾. فإذا أصبحتم غداً إن شاء الله سالمين فاغدوا إلى قتال عدوّكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين. وإذا رأيتم الحرب قد شَمّرت عن ساقها، واضطرمت لظى على سِيَاقِها، وجُلِّلت ناراً على أرواقها،