فرقَّ له أبوه وأمره فارتجعها، ثم شهد عبد الله الطائف مع رسول الله ﷺ، فرُمي بسهم فمات منه بالمدينة، فقالت عاتكة ترثيه:
رُزئتُ بخير الناس بعد نَبِيّهم … وَبَعدَ أبِي بكر، وما كان قَصّرا
فآليتُ لا تنفكُّ عَيني حَزِينةً … عَلَيكَ، ولا يَنفَكّ جلْديَ أَغْبَرَا
فَلِلَّهِ عَينا مَن رَأى مِثْلَه فَتى … أكَرّ وَأَحْمَى في الهيَاج وَأَصْبَرَا
إذا شُرعَت فيه الأسنَّة خَاضَها … إلَى المَوْت حَتَّى يَتْرُكَ الرُّمحَ أَحْمَرَا
فتزوّجها زيد بن الخطاب. وقيل: لم يتزوّجها، وقتل عنها يوم اليمامة شهيداً، فتزوجها عمر بن الخطاب سنة اثنتي عشرة، فأولم عليها، فدعا جمعاً فيهم علي بن أبي طالب، فقال: يا أمير المؤمنين، دعني أكلم عاتكة. قال: افعل. فأخذ بجانبي الباب وقال: يا عُدَيَّة نفسها، أين قولك:
فآليتُ لا تَنْفَكّ عَيْني حَزينةً … عَلَيك، ولا يَنْفَكّ جلْديَ أَغْبَرَا
فبكت، فقال عمر: ما دعاك إلى هذا يا أبا الحسن؟ كل النساء يفعلن هذا. فقال: قال الله تعالى: ﴿يَأَيّها الَّذِينَ آمَنُوا، لمَ تَقُولونَ مَا لا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللّهِ أن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾. فقتل عنها عمر، فقالت ترثيه:
عَينُ، جُودِي بعَبْرَة وَنَحِيب … لَا تَمَلِّي عَلَى الإمَام النَّحِيبِ
قُلْ لأَهل الضراء والبُؤس: مُوتوا … قَدْ سَقَتْهُ المنونُ كَأْسَ شَعُوب
ثم تزوجّها الزبير بن العوّام، فقتل عنها، فقالت ترثيه:
غَدَر ابنُ جُرْموز بفَارس بُهْمَة … يَومَ اللقَاءِ وَكَانَ غَيَر مُعَرِّد
يَا عَمْرو، لو نَبَّهته لَوَجَدْته … لا طائِشاً رعش الجنان وَلَا اليَد
كم غَمْرَةٍ قَد خَاضَها لَم يَثْنِه … عَنها طِرَادُك يا ابن فَقْعِ القرْدَد