الحَبشة، فأَرسل رسولُ الله ﷺ يخطبها إلى النجاشي قالت أُم حبيبة: ما شعَرت إلا بِرسول النجاشي جارية يقال أبرهَة، كانت تقوم على ثيابه ودُهنه، فاستأذنت عَليّ، فأذنت لها، فقالت إن الملك يقول لك: إن رسولَ الله ﷺ كتب إلي أن أُزَوجَكه. فقلت: بَشَّرَك الله بخير. قالت: ويقول لكل الملك: وكِّلي مَن يزوجك. فأرسلت إلى خالد بن سعيد بن العاص بن أُمية فوكِّلته، وأعطيت أبرهة سوارين من فضة كانت عَليّ، وخواتيم فضة كانت في أصابعي، سروراً بما بشرَتني به. فلما كان العَشِي أمر النجاشي جعفر ابن أبي طالب ومن هناك من المسلمين يحضرون، وخطب النجاشي فحمد الله، وقال: أما بعد، فإن رسول الله ﷺ كتب إليّ أن أُزوجه أُم حبيبة بنت أبي سُفيان، فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله ﷺ. وقد أصدقتها أربعمائة دينار. ثم سكب الدنانير بين يَدي القوم، فتكلم خالد بن سعيد فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أما بعد فقد أجبتُ رسولَ الله ﷺ إلى ما دعا إليه، وزوجتُه أُمَّ حبيبة بنت أبي سفيان، وبارك الله لرسوله ودفع النجاشي الدنانيرَ إلى خالد فقبضها. ثم أرادوا أن يتفرقوا فقال:(اجلسوا فإنَّ من سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكَلَ طعامٌ على التزويج). ودعا بطعام فأكلوا، ثم تفرقوا.
وقيل: إن الذي وكلته أُمُّ حبيبة ليعقد النكاح عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أُمية من أجل أن أُمها صفية بنت أبي العاص عمة عثمان.
قال ابن إسحاق: تزوجها رسول الله ﷺ بعد زينب بنت خُزَيمة الهِلالية.
لا اختلاف بين أهل السير وغيرهم في أن النبي ﷺ تزوج أُم حبيبة وهي بالحبشة، إلا ما رواه مسلم بن الحجاج في صحيحه أن أبا سفيان لما أسلم طلَب من رسول الله ﷺ أن يتزوجها فأجابه إلى ذلك. وهو وَهَم من بعض رواته.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الوهاب بن عبد الله بن علي الأنصاري يعرف بابن الشَّيْرجِي الدمشقي وغير واحد، قالوا: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله، أخبرنا أبو المكارم محمد بن أحمد بن المحسن الطوسي، حدثنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن الحسن العارف الميهني، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن ابن أحمد الحَرَشي، حدثنا أبو