أخواها فقالا لها: إنك ممن قد عرفت سيدةُ نساء المسلمين وبنتُ سيدتهن، وإنك والله إن أمكنتِ عليًّا من رُمَّتِكِ ليُنْكِحنَّكِ بعض أيتامه، ولئن أردت أن تصيبي بنفسك مالاً عظيماً لتصيبينه. فوالله ما قاما حتى طلع علي يتكيءُ على عصاه، فجلس فحمد الله وأثنى عليه، وذكر منزلتِهم من رسول الله ﷺ، وقال: قد عرفتم منزلتكم عندي يا بني فاطمة، وأثرتكم على سائر وَلَدي، لمكانكم من رسول الله ﷺ، وقَرَابتكم منه. فقالوا: صدقت، رحمك الله، فجزاك الله عنا خيراً. فقال: أيْ بُنَيَّة، إن الله ﷿ قد جعل أمرك بيدك، فأنا أحب أن تجعليه بيدي، فقالت: أيْ أبةُ، إني لامرأةٌ أرغب فيما يرغبُ فيه النساءُ، وأحبُّ أن أُصيبَ مما تصيبُ النساءُ من الدنيا، وأنا أُريد أن أنظر في أمر نفسي. فقال: لا، والله يا بُنَيَّة ما هذا من رأيك، ما هو إلا رأي هذين. ثم قام فقال: والله لا أكلم رجلاً منهما أو تفعلين. فأخذا بثيابه، فقالا: اجلس يا أبه. فوالله ما على هِجْرَتِك من صبر، اجعلي أمرك بيده. فقالت: قد فعلت. قال: فإني قد زوجتك من عون بن جعفر، وإنه لغلام. وبعث لها بأربعة ألف درهم، وأدخلها عليه.