وأسلم الحجاج، وحسن إسلامه، وشهد مع النبي ﷺ خيبر، وكان سبب إسلامه أنه خرج في ركب من قومه إلى مكة، فلما جنّ عليه الليل، وهو في واد وَحْشٍ مخُوف قَعَدَ، فقال له أصحابه: قم يا أبا كلاب فخذ لنفسك ولأصحابك أماناً؛ فقام الحجاج بن غلاط يطوف حولهم يكلؤهم، ويقول:
أعِيذُ نفسي وأعيذُ صَحْبي … من كلِّ جنيَ بهذا النَّقْبِ
حتى أؤوب سَالماً وَرَكْبِي
فسمع قائلاً يقول: ﴿يا مَعْشَرَ ثالجِنِّ والإنْسِ إن اسْتَطَعْتُمْ أنْ تَنْفُذُوا مِنْ أقْطَار السَّموَاتِ والأرْضِ فانْفُذُوا، لا تَنْفُذُونَ إلاَّ بِسُلْطَانٍ﴾ فلما قدم مكة خَبَّر بذلك في نادي قريش؛ فقالوا له: صبأت والله يا أبا كلاب؛ إن هذا فيما يزعم محمد أنه نزل عليه، فقال: والله لقد سمعته وسمعه هؤلاء معي، ثم أسلم.
ولما افتتح رسول الله ﷺ خيبر، قال الحجاج بن علاط: يا رسول الله، إن لي بمكة مالاً، وإن لي بها أهلاً، وإني أريد أن آتيهم؛ فأنا في حل إن أنا نلت منك أو قلت شيئاً؟.
أخبرنا عبيد الله بن أحمد بن علي بإسناده إلى يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق قال: حدّثني بعض أهل المدينة، قال: لما أسلم الحجاج بن عِلَاط السلمي شهد خيبر مع رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، إن لي بمكة مالاً على التجار، ومالاً عند صاحبتي أم شيبة بنت أبي طلحة، أخت بني عبد الدار، وأنا أتخوّف إن علموا بإسلامي أن يذهبوا بمالي، فائذن لي باللحوق به، لعلّي أتخلّصه، فقال رسول الله ﷺ:(قد فعلت) فقال: يا رسول الله، إنه لا بدّ لي من أن أقول، فقال رسول الله ﷺ:(قل وأنت في حل) فخرج الحجاج، قال: فلما انتهيت إلى ثَنِيَّة البيضاء إذا بها نفر من قريش يتجسسون الأخبار، فلما رأوني قالوا: هذا الحجاج وعنده الخبر، قلت: هزم الرجل أقبح هزيمة سمعتم بها، وقتل أصحابه، وأخذ محمد أسيراً، فقالوا: لا نقتله حتى نبعث به إلى أهل مكة، فيقتل بين أظهرهم. ثم جئنا مكة فصاحوا بمكة، وقالوا: هذا الحجاج قد جاءكم بالخبر أن محمداً قد أسر، وإنما تنتظرون أن تؤتوا به فيقتل بين أظهركم، فقلت: أعينوني على جمع مالي فإني أريد أن ألحق بخيبر، فأشتري مما أصيب من محمد، قبل أن يأتيهم التجار، فجمعوا مالي أحث جمع، وقلت لصاحبتي: مالي