للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وليس فيه شيء، ثم أخذ حصاة فدحرجها على رجله، قال: (فيصبح الناس فيتبايعون لا يكاد أحد يؤدي الأمانة، حتى يقال: إن في بني فلان رجلاً أميناً، وحتى يقال للرجل: ما أجلده وأظرفه وأعقله، وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان. قال: ولقد أتى على زمان ما أبالي أيُّكم بايعت، لئن كان مسلماً ليردنّه عليّ دينه، ولئن كان يهودياً أو نصرانياً ليردنّه عليّ ساعيه، وأما اليوم فما كنت لأبايع إلاّ فلاناً وفلاناً).

روى زيد بن أسلم، عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال لأصحابه: تمنوا، فتمنوا ملء البيت الذي كانوا فيه مالاً وجواهر ينفقونها في سبيل الله، فقال عمر: لكني أتمنى رجالاً مثل أبي عبيدة، ومعاذ بن جبل؛ وحذيفة بن اليمان، فأستعملهم في طاعة الله ﷿، ثم بعث بمال إلى أبي عبيدة، وقال: انظر ما يصنع، فقسمه، ثم بعث بمال إلى حذيفة، وقال: انظر ما يصنع، قال: فقسمه، فقال عمر: قد قلت لكم.

وقال ليث بن أبي سليم: لما نزل بحذيفة الموت جزع جزعاً شديداً وبكى بكاءً كثيراً، فقيل: ما يبكيك؟ فقال: ما أبكي أسفاً على الدنيا، بل الموت أحبّ إليَّ، ولكني لا أدري علام أقدم، على رضي أم سخط؟.

وقيل: لما حضره الموت قال: هذه آخر ساعة من الدنيا، اللهم، إنك تعلم أني أحبك، فبارك لي في لقائك ثم مات.

وكان موته بعد قتل عثمان بأربعين ليلة، سنة ست وثلاثين.

وقال محمد بن سيرين: كان عمر إذا استعمل عاملاً كتب عهده: وقد بعثت فلاناً وأمرته بكذا، فلما استعمل حذيفة على المدائن كتب في عهده: أن اسمعوا له وأطيعوا وأعطوه ما سألكم، فلما قدم المدائن استقبله الدهاقين، فلما قرأ عهده، قالوا: سلنا ما شئت، قال: أسألكم طعاماً آكله وعلف حماري ما دمت فيكم، فأقام فيهم، ثم كتب إليه عمر ليقدم عليه، فلما بلغ عمر قدومه كمن له على الطريق، فلما رآه عمر على الحال التي خرج من عنده عليها، أتاه فالتزمه، وقال: أنت أخي وأنا أخوك.

<<  <  ج: ص:  >  >>