وكان حسان ممن خاض في الإفك، فجلد فيه في قول بعضهم، وأنكر قوم ذلك، وقالوا: إن عائشة كانت في الطواف، ومعها أم حكيم بنت خالد بن العاص، وأم حكيم بنت عبد الله بن أبي ربيعة، فذكرتا حسان بن ثابت وسبتاه، فقالت عائشة: إني لأرجو أن يدخله الله الجنة بذَبَه عن النبي ﷺ بلسانه؛ أليس القائل:
فإن أبي ووالدُه وعِرْضي … لعِرْض محمَّد منكم وِقَاءُ
وبرأته من أن يكون افترى عليها، فقالتا: ألم يقل فيك؟ فقالت: لم يقل شيئاً، ولكنه الذي يقول:
حَصَانٌ رَزَان ما تُزَنّ بريبة … وتُصبح غَرْثي من لحوم الغوافلِ
فإن كان ما قد قيل عَنَّيَ قُلتُه … فلا رفعت سوطي إلى أناملي
وكان حسان من أجبن الناس حتى إن النبي ﷺ جعله مع النساء في الآطام يوم الخندق:
أخبرناعبيد الله بن أحمد بن علي البغدادي، بإسناده إلى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال: كانت صفية بنت عبد المطلب في فارع، حصن حسان بن ثابت؛ قالت: وكان حسان بن ثابت معنا فيه، مع النساء والصبيان، حيث خندق النبي ﷺ قالت صفية: فمر بنا رجل من يهود، فجعل يُطِيف بالحصن؛ قالت له صفية: إن هذا اليهودي يطيف بالحصن كما ترى، ولا آمنه أن يدل على عورتنا مَنْ وراءنا من يهود، وقد شغل عنا رسول الله ﷺ وأصحابه، فانزل إليه فاقتله، قال: يغفر الله لك يا بنت عبد المطلب، لقد عرفْتِ ما أنا بصاحب هذا. قالت صفية: فلما قال ذلك أخذت عموداً، ونزلت من الحصن إليه، فضربته بالعمود حتى قتلته، ثم رجعت إلى الحصن، فقالت: يا حسان، انزل فاسلبه، فقال: ما لي بسلبه من حاجة يا بنت عبد المطلب.
ولم يشهد مع النبي ﷺ شيئاً من مشاهده لجبنه، ووهب له النبي ﷺ جاريته سيرين أخت مارية، فأولدها عبد الرحمن بن حسان، فهو وإبراهيم بن رسول الله ﷺ ابنا خالة.
أخبرنا أبو ياسر عبد الوهاب بن هبة الله بإسناده، عن عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، أخبرنا معاوية بن هشام، أخبرنا سفيان، عن عبد الله بن عثمان (ح) قال أبي: وحدثنا قبيصة،