وكان قتل رجلاً عظيماً منهم يوم بدر، فبعث الله إلى عاصم مثل الظُّلَّة من الدَّبْر فحمته من رُسُلهم، فلم يقدروا على أن يقطعوا منه شيئاً.
كذا في هذه الرواية أن بني الحارث بن عامر ابتاعوا خبيباً، وقال ابن إسحاق: وابتاع خبيباً حُجَير بن أبي إهاب التميمي، حليف لهم، وكان حجير أخا الحارث بن عامر لأمه، فابتاعه لعقبة بن الحارث ليقتله بأبيه.
وقيل: اشترك في ابتياعه أبو إهاب بن عزيز، وعكرمة بنُ أبي جهل، والأخْنَسُ بن شريق، وعبيدة بن حكيم بن الأوقص، وأمية بن أبي عتبة، وبنو الحضرمي، وصَفْوان بن أمية، وهم أبناء من قتل من المشركين يوم بدر، ودفعوه إلى عقبة بن الحارث، فسجنه في داره، فلما أرادوا قتله خرجوا به إلى التَّنْعيم فصلى ركعتين، وقال:
لقد جَمَّع الأحزابُ حوْلِي وألَّبُوا … قبائلهم واستَجْمَعُوا كُلَّ مَجْمَع
وقد قَرَّبوا أبناءهم ونساءهم … وقُرِّبتُ من جذع طويل مُمَنَّع
وكُلُّهُمُ يبدي العداوة جاهداً … عَلَيَّ، لأني في وَثاقٍ بِمَضْيَع
إلى الله أشكو غُرْبتي بعد كربتي … وما جمع الأحزابُ لي عند مصرعي
فذا العرش صيَّرني على ما أصابني … فقد بَضَعوا لحمي وقد ضَلَّ مَطْمَعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ … يُباركْ على أصوال شِلوْ مُمَزَّع
وقد عَرَّضوا بالكُفْر والموتُ دونه … وقد ذَرِفَتْ عيناي من غير مَدْمع
وما بي حذارُ الموت؛ إني لميِّتٌ … ولكن حذاري حَرُّ نار تَلفَع
فلستُ بمبدٍ للعدوَ تخشُّعاً … ولا جَزَعاً؛ إني إلى الله مَرْجِعِي
ولست أبالي حين أقتل مسلماً … على أي جنب كان في الله مصرعي
وهو أول من صلب في ذات الله.
واسم الصبي الذي دَرَج إلى خُبَيْب فأخذه: أبو حسين بن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبدِ مناف، وهو جَدُّ عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حُسَين، شيخ مالك.
أخبرنا أبو جعفر عبيد الله بن أحمد بن علي بإسناده إلى يونس بن بكير، عن إبراهيم بن