للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وشِبْل بن معبد، فلم يقطع بالشهادة، فحدَّهم عُمَر ولم يَحُده وعَزَله، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبر الناس أنك لم تعزلني لخَزْية. فقال: ما عزلتك لخزية، ولكن كرهت أن أحمل على الناس فضل عقلك.

ثم صار مع علي ، فاستعمله على بلاد فارس، فلم يزل معه إلى أن قتل وسلَّم الحسن الأمر إلى معاوية، فاستلحقه معاوية وجعله أخاً له من أبي سفيان، وكان سبب استلحاقه أن زياداً قدم على عمر بن الخطاب بشيراً ببعض الفتوح، فأمره فخطب الناس فأحسن، فقال عمرو بن العاص: لو كان هذا الفتى قُرَشِيّاً لساق العرب بعصاه. فقال أبو سفيان: والله إني لأعرف الذي وضعه في رحم أمه، فقال علي بن أبي طالب : ومن هو يا أبا سفيان؟ قال: أنا. قال علي : مهلاً فلو سمعها عمر لكان سريعاً إليك.

ولما ولى زياد بلاد فارس لعلي كتب إليه معاوية يُعَرَض له بذلك ويتهدده إن لم يطعه، فأرسل زياد الكتاب إلى علي، وخطب الناس وقال: عجبت لابن آكلة الأكباد، يتهددني، وبيني وبينه ابن عم رسول الله في المهاجرين والأنصار. فلما وقف على كتابه عَلِيّ كتب إليه: إنما وليتك ما وليتك وأنت عندي أهل لذلك، ولن تدرك ما تريد إلا بالصبر واليقين، وإنما كانت من أبي سفيان فَلْتة زمن عمر لا تستحق بها نسباً ولا ميراثاً، وإن معاوية يأتي المَرْء من بين يديه ومن خلفه، فاحذره، والسلام.

فلما قرأ زياد الكتاب قال: شهد لي أبو حسن ورب الكعبة، فلما قُتِل علي وبقي زياد بفارس خافه معاوية فاستلحقه، في حديث طويل تركناه، وذلك سنة أربع وأربعين، وقد ذكرناه مستقصى في الكامل في التاريخ.

واستعمله معاوية على البصرة، ثم أضاف إليه ولاية الكوفة لما مات المغيرة بن شعبة، وبقي عليها إلى أن مات سنة ثلاث وخمسين.

وكان عظيم السياسة ضابطاً لما يتولاه، سئل بعضهم عنه وعن الحَجّاج: أيُّهما كان أقوم لما يتولاه؟ فقال: إن زياداً ولي العراق عقب فتنة واختلاف أهواء، فضبط العراق برجال العراق، وجبى مال العراق إلى الشام، وساس الناس فلم يختلف عليه رجلان. وإن الحجَّاج ولي العراق، فعجز عن حفظه إلا برجال الشام وأمواله، وأكثرت الخوارج عليه والمخالفون له. فحكم لزياد.

أخرجه أبو عمر وأبو نعيم وأبو موسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>