صنعت لما خرج رسول الله ﷺ وأنت معه؟ فقال أبو بكر: خرجنا فأدْلَجْنا فأحيينا ليلتنا ويومنا .. وذكر الحديث إلى أن قال: فارتحلنا والقوم يطلبوننا، فلم يدركنا إلا سراقة بن مالك بن جُعْشُم، على فرس له، فقلت: يا رسول الله، هذا الطلب قد لحقنا، قال:(لا تحزن، إن الله معنا)، حتى إذا دَنَا منَّا قَدْرَ رمح أو رمحين أو قال: رمحين أو ثلاثة قال: قلت: يا رسول الله، هذا الطلب قد لحقنا، وبَكَيت، قال:(لم تبكي؟) قال: قلت: والله ما أبكي على نفسي، ولكن أبكي عليك، قال: فدعا عليه، فقال:(اللهم، اكفناه بما شئت)، فساخت فرسه إلى بطنها في أرض صَلْد، ووثب عنها، وقال: يا محمد، قد علمت أن هذا عملك، فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه، فوالله لأعميَن على مَنْ ورائي من الطَلَب، فدعا له رسول الله ﷺ، فأطلق. ورجع إلى أصحابه. الحديث.
وأخبرنا أبو جعفر بن السمين بإسناده، عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: فحدثني محمد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن مالك بن جُعْشم، عن عمه سراقة بن جعشم قال: لما خرج رسول الله ﷺ من مكة إلى المدينة مُهاجراً، جعلت قريش فيه مائة ناقة لمن رَدّه عليهم، وذكر حديث طَلَبه، وما أصاب فرسَه، وأنه سقط عنه ثلاث مرات، قال: فلما رأيت ذلك علمت أنه ظاهر، فناديت: أنا سراقة بن مالك بن جعشم، أنظروني أكلمْكُم، فوالله لا أريبكم ولا يأتيكم مني شيءٌ تكرهونه، فقال رسول الله لأبي بكر: قل له: ما تبتغي منا؟ فقال لي أبو بكر، فقلت: تكتب لي كتاباً يكون آية بيني وبينك، فكتب له كتاباً في عَظْم، أو في رقعة أو خزفة، ثم ألقاه، فأخذته، فجعلته في كنانتي، ثم رجعت فلم أذكر شيئاً مما كان، حتى إذا فتح الله على رسول مكة، وفرغ من حنين والطائف، خرجت، ومعي الكتاب لألقاه، فلقيته بالجِعِرَّانة، فدخلت في كتيبة من خيل الأنصار، فجعلوا يقرعونني بالرماح ويقولون: إليك إليك، ماذا تريد؟ حتى دَنَوتُ من رسول الله ﷺ، وهو على ناقته، والله لكأني أنظر إلى ساقه، في غَرْزة كأنه جُمَّارة، فرفعتي يدي بالكتاب، ثم قلت: يا رسول الله، هذا كتابك لي، وأنا سراقة بن مالك بن جُعْشم، فقال رسول الله ﷺ:(هذا يوم وفاءٍ وبِر، أدنه)، فدنوت منه، فأسلمت.
وذكر حديث سؤاله عن ضَالّة الإبل.
وروى ابن عيينة، عن أبي موسى، عن الحسن أن رسول الله ﷺ قال لسراقة بن مالك: