والله ما أنكروا علي شيئاً، ولا استأْثرت بمال، ولا مِلْت بهوى، وإنهم يطلبون حقاً تركوه، ودماً سفكوه، ولقد وَلُوه دوني، وإن كنت شريكهم في الإنكار لما أنكروه، وما تَبِعَه عثمان إلا عندهم، بايعوني ونكثوا بيعتي وما استأْنوا في حتى يعرفوا جَوْري من عَدْلي، وإني لراض بحُجَّة الله عليهم وعلمه فيهم، وإني مع هذا لداعيهم ومُعذِرٌ إليهم، فإن قبلوه فالتوبة مقبولة، والحق أولى ما انصرفت إليه، وإن أبوا أعطيتهم حَدّ السيف، وكفى به شافياً من باطل وناصراً).
وروى عن علي أنه قال: إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة وعثمان والزبير ممن قال الله فيهم: ﴿وَنَزَعْنَا مَا في صُدُورِهِمْ مِنْ غِلَ إخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلينَ).
وكان سَبَبُ قَتْلِ طَلْحَةَ أن مروان بن الحكم رماه بسهم في ركبته، فجعلوا إذا أمسكوا فَمَ الجرح انتفخت رجله، وإذا تركه جرى، فقال: دعوه فإنما هو سهم أرسله الله تعالى، فمات منه. وقال مروان: لا أطلب بثأْري بعد اليوم، والتفت إلى أبان بن عثمان، فقال: قد كفيتك بعض قتلة أبيك.
ودن إلى جانب الكلأ.
وكانت وقعة الجمل لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، وكان عمره ستين سنة، وقيل: اثنتان وستون سنة، وقيل: أربع وستون سنة.
وكان آدم حسن الوجه كثير الشعر، ليس بالجَعْد القَطَطَ، ولا بالسَّبْط، وكان لا يغير شَيْبه، وقيل: كان أبيض يضرب إلى الحُمْرة، مربوعاً، إلى القِصَر أقرب، رحب الصدر، عريض المنْكبين، إذا التَفَتَ التفت جميعاً، ضَخْم القدمين.
قال الشعبي: لما قُتِل طلحة ورآه عَلِيُّ مقتولاً جعل يمسح التراب عن وجهه، وقال عَزيزٌ عليَّ، أبا محمد، أن أراك مُجَدَّلاً تحت نجوم السماء ثم قال: إلى الله أشكو عُجَرِي وَبُجَرِي، وترحم عليه، وقال: ليتني مِتّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة، وبكى هو وأصحابه عليه، وسمع رجلاً ينشد: