بعضهم: قيل له: (عتيق) لحسن وجهه وجماله؛ قاله الليث بن سعد وجماعة معه. وقال الزبير بن بكار وجماعة معه: إنما قيل له: (عَتِيق) لأنه لم يكن في نسبه شيءٌ يعاب به. وقيل: إنما سمي (عتيقاً) لأن رسول الله ﷺ قال له: (أنت عَتِيق الله من النار).
أخبرنا إبراهيم بن محمد بن مِهْران الفقيه وغيره، قالوا: بإسنادهم إلى أبي عيسى الترمذي، قال: حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري، حدثنا مَعْن، حدثنا إسحاقُ بن يحيى ابن طلحة، عن عمه إسحاقَ بن طلحة، عن عائشة: أن أبا بكر دخل على رسول الله ﷺ، فقال له:(أنت عَتِيق من النار). فيومئذ سمي عتيقاً وقد رُوِي هذا الحديث عن معن وقال: موسى بن طلحة، عن عائشة.
وقيل له:(الصديق) أيضاً، لما أخبرنا محمد بن أبي القاسم الدمشقي إذناً، أنبأنا أبي قال: أنبأنا أبو سعد المُطَرِّز وأبو علي الحَدَّاد قالا: أخبرنا أبو نُعَيْم، حدثنا أبو محمد بن حَيَّان، حدثنا محمد بن العَبَّاس، حدثنا المُفَضَّل ابن غَسَّان، حدثنا محمد بن كَثِير، عن مَعْمَر، عن الزُّهْرِي، عن عروة، عن عائشة قالت:(لما أُسْرِي بالنبي ﷺ إلى المسجد الأقصى، أصبح يُحَدِّث بذلك الناس، فارتدّ ناس مِمَّن كان آمن وصدق به وفُتنُوا، فقال أبو بكر: إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك أصدّقه بخبر السماء غَدْوَة أو رَوْحَة)، فلذلك سمى أبو بكر الصدِّيقَ.
وقال أبو مِحْجَن الثَّقَفي:
وَسُمِّيتَ صَديقاً وكلُّ مُهَاجرٍ … سِوَاكَ يُسَمَّى باسْمه غير مُنْكرِ
سَبَقْتَ إلى الإسلامِ واللّهُ شَاهِدُ … وكنتَ جَلِيساً في العَرِيشِ المُشَهرِ
إسلامه
كان أبو بكر ﵁ من رؤساءِ قريش في الجاهلية، مُحَبَّباً فيهم، مَأَلَفاً لهم، وكان إليه الأشْنَاقُ في الجاهلية، والأشْنَاق: الدِّيَات. كان إذا حَمَل شيئاً صَدَّقته قريش وأمضوا حَمَالَتَه وحَمَالة من قام معه، وإن احتملها غيره خذلوه ولم يصدقوه.
فلما جاءَ الإسلامُ سَبَقَ إليه، وأسلم على يده جماعة لمحبتهم له، وميلهم إليه، حتى