وقال أَبو البَخْتِري: قال عمار بن ياسر يوم صفين: ائتوني بشربة. فأُتي بشربة لبن، فقال: إِن رسول الله ﷺ قال: (آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن)، وشربها ثم قاتل حتى قتل.
وكان عمره يومئذ أربعاً وتسعين سنة، وقيل: ثلاث وتسعون، وقيل: إحدى وتسعون.
وروى عُمَارة بن خزيمة بن ثابت قال: شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يَسُلّ سيفاً. وشهد صفين ولم يقاتل، وقال: لا أُقاتل حتى يقتل عمار فأَنظرَ من يقتله، فإِني سمعت رسول الله ﷺ يقول:(تقتله الفئة الباغية) فلما قُتِل عمار قال خزيمة (ظهَرَت لي الضلالة). ثم تقدّم فقاتل حتى قتل.
ولما قُتل عَمَّار قال:(ادفنوني في ثيابي فإِني مخاصم).
وقد اختلف في قاتله، فقيل: قتله أَبو الغادية المزني وقيل: الجهني طعنه طعنة فسقط، فلما وقع أَكب عليه آخر فاحتز رأْسه، فأَقبلا يختصمان، كل منهما يقول:(أَنا قتلته). فقال عمرو بن العاص: والله إِنْ يختصمان إِلا في النار، والله لوددْت أَني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة.
وقيل: حمل عليه عُقبة بن عامر الجهني، وعمرو بن حارث الخلاني، وشريك بن سلمة المرادي، فقتلوه.
وكان قتله في ربيع الأَوّل أَو: الآخر من سنة سبع وثلاثين، ودفنه (على) في ثيابه، ولم يغسله. وروى أَهل الكوفة أَنه صلى عليه، وهو مذهبهم في الشهيد أَنه يصلي عليه ولا يغسل.
وكان عمار آدم، طويلاً، مضطرباً، أَشهل العينين، بعيد ما بين المنكبين. وكان لا يغير شيبه، وقيل: كان أَصلع في مقدم رأْسه شعرات.