فابشر قال: فلما عرفوا مني الصدق قلت لهم: أَخبروني بمكان رسول الله ﷺ. فقالوا: هو في بيت في أَسفل الصَّفا وصَفُوه قال: فخرجتُ حتى قرعت الباب، قيل: من هذا؟ قلت: ابن الخطاب. قال: وقد عرفوا شدّتي على رسول الله ﷺ. ولم يعلموا بإِسلامي قال: فما اجترأَ أَحد منهم أَن يفتح الباب قال: فقال رسول الله ﷺ: (افتحوا له، فإِنه إِن يرد الله به خيراً يهده). قال: ففتحوا لي، وأَخذ رجلان بعضدي حتى دنوت من النبي ﷺ، قال: فقال: أَرسلوه قال: فأَرسلوني، فجلست بين يديه، قال: فأَخذ بمجمع قميصي فَجَبَذَني إِليه، ثم قال: أَسلم يا ابن الخطاب، اللهم اهده. قال قلت:(أَشهد أَن إِله إِلا الله، وأَنك رسول الله، فكبر المسلمون تكبيرة، سُمِعت بطرق مكة قال: وقد كان استخفى قال: ثم خرجتُ فكنتُ لا أَشاء أَن أَرى رجلاً قد أَسلم يُضْرَب إِلا رأَيته قال: فلما رأَيت ذلك قلت: لا أَحب إِلا أَن يصيبني ما يصيب المسلمين، قال: فذهبت إِلى خالي وكان شريفاً فيهم فقرعت الباب عليه، فقال: من هذا؟ فقلت: ابن الخطاب. قال: فخرج إِليّ، فقلت له: أَشعرت أَني قد صَبَوتُ؟ قال: فعلتَ؟ فقلت: نعم. قال: لا تفعل قال، فقلت: بلى، قد فعلت. قال: لا تفعل وأَجاف الباب دوني وتركني، قال قلت: ما هذا بشيء قال: فخرجت حتى جئت رجلاً من عظماءِ قريش، فقرعت عليه الباب، فقال: من هذا؟ فقلت: عمر ابن الخطاب. قال: فخرج إِليّ، فقلت له: أَشعرت أَني قد صبوت؟ قال: فعلت؟ فقلت: نعم. قال: فلا تفعل قلت: قد فعلت. قال: لا تفعل قال: ثم قام فدخل، وأَجاف الباب دوني. قال: فلما رأَيت ذلك انصرفت. فقال لي رجل: تحب أَن يُعلَم إِسلامك؟ قال قلت: نعم. قال: فإِذا جلس الناس في الحِجْر واجتمعوا أَتيت فلاناً رجلاً لم يكن يكتم السر فاصْغَ إِليه، وقل له فيما بينك وبينه: (إِني قد صَبوتُ)، فإِنه سوف يظهر عليك ويصيح ويعلنه. قال: فاجتمع الناس في الحِجْر، فجئت الرجل فدنوت منه، فأَصغيت إِليه فيما بيني وبينه، فقلت:(أَعلمت أَني قد صبوت؟) فقال: (أَلا إِن عمر بن الخطاب قد صبا). قال: فما زال الناس يضربوني وأَضربهم، قال: فقال خالي: ما هذا؟ فقيل: ابن الخطاب قال: فقام على الحِجْر فأَشار بكُمِّه فقال: (أَلا إِني قد أَجرت ابن أُختي). قال: فانكشف الناس عني، وكنت لا أَشاء أَن أَرى أَحداً من المسلمين يضرب إِلا رأَيته وأَنا لا أُضرب. قال فقلت: ما هذا بشيء حتى يصيبني مثل ما يصيب المسلمين؟ قال: فأمهلت حتى إِذا جلس الناس في الحجْر، وصلت إِلى خالي فقلت: اسمع. فقال: ما أَسمع؟ قال قلت: جوارَك عليك رَدٌّ. قال: فقال: لا تفعل يا ابن أُختي. قال قلت: بل هو ذاك. فقال: ما شئت قال: فما زلت أُضْربُ وأَضرِبَ حتى أَعز الله الإِسلام.