وبهذا الإسناد عن ابن إسحاق، قال: وقال أبو سفيان يبكي رسول الله ﷺ:
أَرقْتُ فَبَاتَ لَيلي لَا يَزُولُ … وَلَيْلُ أخي المُصِيبَةِ فِيهِ طُولُ
وَأَسْعَدَني البُكَاءُ، وَذَاكَ فِيمَا … أُصِيبَ المُسْلِمُونَ بِهِ قَلِيلُ
فَقَدْ عَظُمَت مُصِيبَتَه وَجَلَّت … عَشِيَّةَ قِيلَ: قَد قُبِضَ الرَّسُولُ
وَتصْبحُ أَرْضَنَا مِمَّا عَرَاها … تَكَادُ بِنَا جَوَانِبُهَا تَمِيلُ
فَقَدْنَا الوحْي وَالتَّنْزِيل فِينا … يَرُوحُ بِهِ ويَغْدُو جَبْرَئِيلُ
وَذَاكَ أَحَقُّ مَا سَالَتْ عَلَيْهِ … نُفُوسُ النَّاسِ أَوْ كَادَتْ تَسِيلُ
نَبِيٌّ كَانَ يَجْلو الشَّكَّ عَنَّا … بِمَا يُوحَى إِليهِ وَمَا يَقُولُ
وَيَهْدِينَا فَلَا نَخْشَى ضَلَالاً … عَلَينَا، وَالرَّسُولُ لَنَا دَلِيلُ
فَلَمْ نَرَ مِثْلَه في النَّاسِ حَيًّا … وَلَيْسَ لَهُ مِنَ المَوْتى عَدِيلُ
أَفَاطِمُ، إِن جَزَعْتِ فَذَاكَ عُذْر … وَإِنْ لَمْ تَجْزَعِي فَهُو السَّبِيلُ
فَعُودِي بالعَزَاءِ، فَإِنَّ فِيهِ … ثَوَابَ اللَّهِ وَالفَضْلُ الجَزِيلُ
وَقولي في أبيكِ وَلَا تَمَلِّي … وَهَلْ يَجْزِي بِفِعْلِ أَبِيكِ قِيلُ
فَقَبْرُ أَبِيك سَيِّدُ كُلِّ قَبْرٍ … وَفِيهِ سَيِّدُ النَّاسِ الرَّسُولُ
وتوفي أبي سفيان سنة عشرين. وكان سبب موته أنه حَجّ فحلق رأسه، فقطع الحجام ثُؤْلُولا كان في رأسه فمرض منه حتى مات بعد مَقْدمه من الحج بالمدينة، وصلى عليه عمر بن الخطاب. وقيل: مات بالمدينة بعد أخيه نوفل بن الحارث بأربعة أشهر إلا ثلاث عشرة ليلة. وهو الذي حفر قبر نفسه قبل أن يموت بثلاثة أيام، وذلك سنة خمس عشرة، والله أعلم.
أخرجه أبو نعيم، وأبو عمر، وأبو موسى.