كل ذلك ذكره الزبير، وهذا عكس ما نقله أبو عمر عن الزبير، فإن أبا عمر نقل عن الزبير أنها كانت عند أبي هالة أوّلاً ثم بعده عند عتيق.
ونقل أبو نعيم عن الزبير فقدَّم عتيقاً على أبي هالة، وأما الذي رويناه في (نسب قريش للزبير) قال: وكانت يعني خديجة قبل النبي ﷺ عند عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم فولدت له جارية، وهلك عنها عتيق، فتزوّجها أبو هالة بن مالك، أحد بني عمرو بن تميم، ثم أحد بني أُسَيِّد.
قال الزبير: وبعض الناس يقول: أبو هالة قبل عتيق.
وتزوج رسول الله ﷺ خديجة ﵂ قبل الوحي وعمره حينئذ خمس وعشرون سنة وقيل: إحدى وعشرون سنة، زوّجها منه عمها عمرو بن أسد. ولما خطبهما رسول الله ﷺ قال عمها: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يخطب خديجة بنتُ خُوَيلد، هذا الفحل لا يُقدَع أنفه.
وكان عمرها حينئذ أربعين سنة وأقامت معه أربعاً وعشرين سنة.
وكان سبب تزوجها برسول الله ﷺ ما أخبرنا أبو جعفر بإسناده عن يونس، عن ابن إسحاق قال: كانت خديجة امرأة تاجرة ذات شَرَف ومال، تستأجر الرجال في مالها تُضاربهم إياه بشيء تجعله لهم منه. فلما بلغها عن رسول الله ﷺ ما بلغها من صدق حديثه وعِظَم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه وَعَرَضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشام تاجراً، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار، مع غلام لها يقال له: ميسرة، فقبله منها وخرج في مالها ومعه غلامها ميسرة، حتى قَدِم الشام فنزل رسول الله ﷺ في ظل شجرة قريباً من صَومعة راهب، فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ قال: هذا رجل من قريش من أهل الحرم. فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي. ثم باع رسول الله ﷺ سلعته التي خرج بها، واشترى ما أراد، ثم أقبل قافلاً إلى مكة، فلما قَدِم على خديجة بمالها باعت ما جاءَ به، فأضعف أو قريباً، وحدّثها ميسرة عن قول الراهب. وكانت خديجة امرأة حازمة لبيبة شريفة مع ما أراد الله بها من كرامتها. فلما أخبرها