منتدبكم إلى صفين ودينكم أمام دنياكم، فأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم، ألا وإنا لكم كما كنا، ولستم كما كنتم، ألا وقد أصبحتم بين قتيلين: قتيلٍ بصفين تبكون له، وقتيل بالنهروان تطلبون بثأره، فأما الباقي فخاذل، وأما الباكي فثائر، ألا وإن معاوية دعانا إلى أمر ليس فيه عز ولا نَصَفَة، فإن أردتم الموت رددناه عليه، وحاكمناه إلى الله ﷿ بِظُبَا السيوف، وإن أردتم الحياة قبلناه وأخذنا لكم الرضا، فناداه القوم من كل جانب: البقيةَ البقيةَ، فلما أفردوه أمضى الصلح).
أخبرنا إبراهيم بن محمد بن مهران الفقيه وغير واحد، قالوا بإسنادهم إلى أبي عيسى الترمذي قال: حدثنا محمود بن غيلان، أخبرنا أبو داود الطيالسي، أخبرنا القاسم بن الفضل الحُدَّاني، عن يوسف بن سعد.
قال: قام رجل إلى الحسن بن علي بعدما بايع معاوية، فقال: سَوَّدْتَ وجوه المؤمنين، أو: يا مُسَوّد وجوه المؤمنين، فقال: لا تُؤَنِّبْنِي، رحمك الله؛ فإن النبي ﷺ أرى بني أمية على منبره فساءه ذلك، فنزلت: ﴿إنَّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ، وما أدْرَاكَ ما لَيْلَةُ القَدْرِ، لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ ألْفِ شَهْرٍ﴾ تملكها بعدي بنوي أمية.
وقد اختلف في الوقت الذي سلَّم فيه الحسن الأمر إلى معاوية؛ فقيل: في النصف من جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين، وقيل: لخمس بقين من ربيع الأول منها، وقيل: في ربيع الآخر؛ فتكون خلافته على هذا ستة أشهر واثني عشر يوماً، وعلى قول من يقول: في ربيع الآخر تكون خلافته ستة أشهر وشيئاً، وعلى قول من يقول: في جمادى الأولى نحوَ ثمانية أشهر، والله أعلم. وقولُ من قال سَلَّم الأمر سنة إحدى وأربعين، أصحُّ ما قيل فيه، وأما من قال: سنة أربعين، فقد وهم.
ولما بايع الحسن معاوية خطب الناس قبل دخول معاوية الكوفة فقال: أيها الناس، إنما نحن أمراؤكم وضيفانكم، ونحن أهلُ بيت نبيكم الذين أذهب الله عنهم الرجس، وطهَّرَهم تطهيراً، وكرر ذلك حتى ما بقي إلا من بكى حتى سُمع نشجيه.
ولما دخل معاوية الكوفة وبايعه الناس قال عمرو بن العاص لمعاوية: لتأمر الحسن