للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان حمزة يُعْلم في الحرب بريشة نعامة. وقاتل يوم بدر بين يدي رسول الله بسيفين، وقال بعض أساري الكفار: من الرجل المعلم بريشة نعامة؟ قالوا: حمزة . قال: ذاك فعل بنا الأفاعيل.

وشهد أحداً، فقتل بها يوم السبت النصف من شوال، وكان قتل من المشركين قبل أن يقتل واحداً وثلاثين نفساً؛ منهم: سباع الخزاعي، قال له حمزة: هلم إلي يا ابن مقطعة البُظُور، وكانت أمه ختانة، فقتله.

قال ابن إسحاق: كان حمزة يقاتل يومئذ بسيفين، فقال قائل: أيُّ أسد هو حمزة فبينما هو كذلك إذ عثر عثرة وقع منها على ظهره، فانكشف الدرع عن بطنه، فَزَرَقه، وحشي الحبشي، مولى جبير بن مطعم، بحربة فقتله.

ومثل به المشركون، وبجميع قتلى المسلمين إلا حنظلة بن أبي عامر الراهب، فإن أباه كان مع المشركين فتركوه لأجله، وجعل نساء المشركين: هند وصواحباتها يجْدَعْنَ أنف المسلمين وآذانهم ويبقرون بطونهم، وبقرت هند بطن حمزة فأخرجت كبده، فجعلت تلوكها فلم تسغها فلفظتها؛ فقال النبي : (لو دخل بطنها لم تمسها النار). فلما شهده النبي اشتد وجده عليه، وقال: لئن ظفرت لأمثلنّ بسبعين منهم، فأنزل الله سبحانه ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبتمْ بِهِ، وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ للصَّابِرِينَ، واصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِالله﴾.

وروى أبو هريرة قال: وقف رسول الله على حمزة، وقد مثل به، فلم ير منظراً كان أوجع لقلبه منه فقال: رحمك الله، أي عم، فلقد كنت وصولاً للرحم فعولاً للخيرات.

وروى جابر قال: لما رأى رسول الله حمزة قتيلاً بكى، فلما رأى ما مثل به شهق، وقال: (لولا أن تَجِد صفية لتركته حتى يحشر من بطون الطير والسباع). وصفية هي أم الزبير وهي أخته. وروى محمد بن عقيل، عن جابر قال: لما سمع النبي ما فعل بحمزة شهق، فلما رأى ما فعل به صعق).

ولما عاد النبي إلى المدينة سمع النوح على قتلى الأنصار، قال: (لكن حمزة لا بواكي له). فسمع الأنصار فأمروا نساءهم أن يندبن حمزة قبل قتلاهم، ففعلن ذلك، قال الواقدي: فلم يزلن يبدأن بالندب لحمزة حتى الآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>