وقال كعب بن مالك يرثي حمزة، وقيل هي لعبد الله بن رواحة:
بكتْ عيني وحُقَّ لها بكاها … وما يُغْني البكاءُ ولا العويلُ
على أسد الإله غداةَ قالوا … لحمزَة: ذاكُمُ الرجل القتيل
أصيبَ المسلمونَ به جميعاً … هناك وقد أصيبَ به الرسول
أبا يعلى، لك الأركان هُدَّت … وأنت الماجد البرُّ الوصول
عليك سلام ربك في جِنان … يخالطها نعيمٌ لا يزول
ألا يا هاشِمَ الأخيار صبراً … فكل فعالكم حسنٌ جميل
رسولُ الله مصطَبرٌ كريم … بأمر الله ينطق إذْ يقول
ألا من مبلغٌ عني لؤَيا … فبعد اليوم دائلة تَدُول
وقبل اليوم ما عرفوا وذاقوا … وقائِعَنا بها يُشْفَى الغليل
نسِيتم ضربنا بِقليبِ بدر … غداة أتاكمُ الموت العجيل
غدادةَ ثوى أبو جهْلٍ صريعاً … عليه الطيرُ حائمةً تجول
وعتبةُ وابنه خرّا جميعا … وشيبةُ غضَّه السيف الصقيلُ
ألا يا هندُ لا تبدي شماتا … بحمزة إنَّ عزكم ذليلُ
ألا يا هندُ فابكي لا تملّي … فأنْتِ الوالِه العَبْرَى الثكولُ
وكان مقتل حمزة للنصف من شوال من سنة ثلاث، وكان عمره سبعاً وخمسين سنة، على قول من يقول: إنه كان أسن من رسول الله ﷺ بسنتين، وقيل: كان عمره تسعاً وخمسين سنة، على قول من يقول: كان أسن من رسول الله ﷺ بأربع سنين، وقيل: كان عمره أربعاً وخمسين سنة، وهذا يقوله من جعل مقام النبي ﷺ بمكة بعد الوحي عشر سنين، فيكون للنبي ﷺ اثنتان وخمسون سنة، ويكون لحمزة أربع وخمسون سنة؛ فإنهم لا يختلفون في أن حمزة أكبر من النبي ﷺ.
أخبرنا أبو جعفر عبيد الله بن أحمد بن علي البغدادي بإسناده، عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: حدثني رجل من أصحابي، عن مِقْسم، وقد أدركه، عن ابن عباس، قال: صلى رسول الله ﷺ على حمزة فكبر سبع تكبيرات، ثم لم يؤت بقتيل إلا صلى عليه معه، حتى صلى عليه ثنتين وسبعين صلاة.